وصرح به وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال التعريض بالخطبة أن يقول لها أريد أن أتزوج امرأة من أمرها كذا وكذا يعرض لها بالقول والله عز وجل أعلم ومنها حرمة الخروج من البيت لبعض المعتدات دون بعض وجملة الكلام في هذا الحكم ان المعتدة لا يخلو اما أن تكون معتدة من نكاح صحيح واما أن تكون معتدة من نكاح فاسد ولا يخلو اما أن تكون حرة وأما تكون أمة بالغة أو صغيرة عاقلة أو مجنونة مسلمة أو كتابية مطلقة أو متوفى عنها زوجها والحال حال الاختيار أو حال الاضطرار فإن كانت معتدة من نكاح صحيح وهي حرة مطلقة بالغة عاقلة مسلمة والحال حال الاختيار فإنها لا تخرج ليلا ولا نهارا سواء كان الطلاق ثلاثا أو بائنا أو رجعيا أما في الطلاق الرجعي فلقوله تعالى ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الا أن يأتين بفاحشة مبينة قيل في تأويل قوله عز وجل الا أن يأتين بفاحشة مبينة الا أن تزني فتخرج لإقامة الحد عليها وقيل الفاحشة هي الخروج نفسه أي الا أن يخرجن فيكون خروجهن فاحشة نهى الله تعالى الأزواج عن الاخراج والمعتدات عن الخروج وقوله تعالى أسكنوهن من حيث سكنتم والامر بالاسكان نهى عن الاخراج والخروج ولأنها زوجته بعد الطلاق الرجعي لقيام ملك النكاح من كل وجه فلا يباح لها الخروج كما قبل الطلاق الا أن بعد الطلاق لا يباح لها الخروج وان أذن لها بالخروج بخلاف ما قبل الطلاق لان حرمة الخروج بعد الطلاق لمكان العدة وفي العدة حق الله تعالى فلا يملك ابطاله بخلاف ما قبل الطلاق لان الحرم ثمة لحق الزوج خاصة فيملك ابطال حق نفسه بالاذن بالخروج ولان الزوج يحتاج إلى تحصين مائة والمنع من الخروج طريق التحصين للماء لان الخروج يريب الزوج انه وطئها غيره فيشتبه النسب إذا حبلت وأما في الطلاق الثلاث أو البائن فلعموم النهى ومساس الحاجة إلى تحصين الماء على ما بينا وأما المتوفى عنها زوجها فلا تخرج ليلا ولا بأس بان تخرج نهارا في حوائجها لأنها تحتاج إلى الخروج بالنهار والاكتساب ما تنفقه لأنه لا نفقة لها من الزوج المتوفى بل نفقتها عليها فتحتاج إلى الخروج لتحصيل النفقة ولا تخرج بالليل لعدم الحاجة إلى الخروج بالليل بخلاف المطلقة فان نفقتها على الزوج فلا تحتاج إلى الخروج حتى لو اختلعت بنفقة عدتها بعض مشايخنا قالوا يباح لها الخروج بالنهار للاكتساب لأنها بمعنى المتوفى عنها زوجها وبعضهم قالوا لا يباح لها الخروج لأنها هي التي أبطلت النفقة باختيارها والنفقة حق لها فتقدر على ابطاله فاما لزوم البيت فحق عليها فلا تملك ابطاله وإذا خرجت بالنهار في حوائجها لا تبيت عن منزلها الذي تعتد فيه والأصل فيه ما روى أن فريعة أخت أبي سعيد الخدري رضي الله عنه لما قتل زوجها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنته في الانتقال إلى بنى خدرة فقال لها امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله وفي رواية لما استأذنت أذن لها ثم دعاها فقال أعيدي المسألة فأعادت فقال لا حتى يبلغ الكتاب أجله أفادنا الحديث حكمين إباحة الخروج بالنهار وحرمة الانتقال حيث لم ينكر خروجها ومنعها صلى الله عليه وسلم من الانتقال فدل على جواز الخروج بالنهار من غير انتقال وروى علقمة أن نسوة من همدان نعى إليهن أزواجهن فسألن ابن مسعود رضي الله عنه فقلن انا نستوحش فأمرهن أن يجتمعن بالنهار فإذا كان بالليل فلترح كل امرأة إلى بيتها وروى عن محمد أنه قال لا بأس أن تنام عن بيتها أقل من نصف الليل لان البيتوتة في العرف عبارة عن الكون في المبيت أكثر الليل فما دونه لا يسمى بيتوتة في العرف ومنزلها الذي تؤمر بالسكون فيه للاعتداد هو الموضع الذي كانت تسكنه قبل مفارقة زوجها وقبل موته سواء كان الزوج ساكنا فيه أو لم يكن لان الله تعالى أضاف البيت إليها بقوله عز وجل ولا تخرجوهن من بيوتهن والبيت المضاف إليها هو الذي تسكنه ولهذا قال أصحابنا انها إذا زارت أهلها فطلقها زوجها كان عليها أن تعود إلى منزلها الذي كانت تسكن فيه فتعتد ثمة لان ذلك هو الموضع الذي يضاف إليها وإن كانت هي في غيره وهذا في حالة الاختيار وأما في حالة الضرورة فان اضطرت إلى الخروج من بيتها بان خافت سقوط منزلها أو خافت على متاعها أو كان المنزل بأجرة ولا تجد ما تؤديه في أجرته في عدة الوفاة فلا بأس عند ذلك أن تنتقل وإن كانت تقدر على الاجزاء تنتقل وإن كان المنزل لزوجها وقد مات عنها فلها أن تسكن في نصيبها إن كان
(٢٠٥)