بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٢٠٦
نصيبها من ذلك ما تكتفى به في السكنى وتستتر عن سائر الورثة ممن ليس بمحرم لها وإن كان نصيبها لا يكفيها أو خافت على متاعها منهم فلا بأس أن تنتقل وإنما كان كذلك لان السكنى وجبت بطريق العبادة حقا لله تعالى عليها والعبادات تسقط بالاعذار وقد روى أنه لما قتل عمر رضي الله عنه نقل علي رضي الله عنه أم كلثوم رضي الله عنها لأنها كانت في دار الإجارة وقد روى أن عائشة رضي الله عنها نقلت أختها أم كلثوم بنت أبي بكر رضي الله عنه لما قتل طلحة رضي الله عنه فدل ذلك على جواز الانتقال للعذر وإذا كانت تقدر على أجرة البيت في عدة الوفاة فلا عذر فلا تسقط عنها العبادة كالمتيمم إذا قدر على شرط الماء بان وجد ثمنه وجب عليه الشراء وان لم يقدر لا يجب لعذر العدم كذا ههنا وإذا انتقلت لعذر يكون سكناها في البيت الذي انتقلت إليه بمنزلة كونها في المنزل الذي انتقلت منه في حرمة الخروج عنه لان الانتقال من الأول إليه كان لعذر فصار المنزل الذي انتقلت إليه كأنه منزلها من الأصل فلزمها المقام فيه حتى تنقضي العدة وكذا ليس للمعتدة من طلاق ثلاث أو بائن أن تخرج من منزلها الذي تعتد فيه إلى سفر إذا كانت معتدة من نكاح صحيح وهي على الصفات التي ذكرناها ولا يجوز للزوج أن يسافر بها أيضا لقوله تعالى ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن وقوله عز وجل هن كناية عن المعتدات ولان الزوجية قد زالت بالثلاث والبائن فلا يجوز له المسافرة بها وكذا المعتدة من طلاق رجعي ليس لها أن تخرج إلى سفر سواء كان سفر حج فريضة أو غير ذلك لا مع زوجها ولا مع محرم غيره حتى تنقضي عدتها أو يراجعها لعموم قوله تعالى ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن من غير فصل بين خروج وخروج ولما ذكرنا ان الزوجية قائمة لان ملك النكاح قائم فلا يباح لها الخروج لأن العدة لما منعت أصل الخروج فلان تمنع من خروج مديد وهو الخروج إلى السفر أولى وإنما استوى فيه سفر الحج وغيره وإن كان حج الاسلام فرضا لان المقام في منزلها واجب لا يمكن تداركه بعد انقضاء العدة وسفر الحج واجب يمكن تداركه بعد انقضاء العدة لان جميع العمر وقته فكان تقديم واجب لا يمكن تداركه بعد الفوت جمعا بين الواجبين فكان أولى وليس لزوجها أن يسافر بها عند أصحابنا الثلاثة وقال زفر له ذلك واختلف مشايخنا في تخريج قول زفر قال بعضهم إنما قال ذلك لأنه قد ثبت من أصل أصحابنا ان الطلاق الرجعي عدم في حق الحكم قبل انقضاء العدة فكان الحال قبل الرجعة وبعدها سواء وقال بعضهم إنما قال ذلك لان المسافرة بها رجعة عنده دلالة ووجهه ان اخراج المعتدة من بيت العدة حرام فلو لم يكن من قصده الرجعة لم يسافر بها ظاهرا تحرزا عن الحرام فيجعل المسافرة بها رجعة دلالة حملا لامره على الصلاح صيانة له عن ارتكاب الحرام ولهذا جعلنا القبلة واللمس عن شهوة رجعة كذا هذا ولنا قوله تعالى ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الا أن يأتين بفاحشة مبينة نهى الأزواج عن الاخراج والنساء عن الخروج وبه تبين فساد التخريج الأول لان نص الكتاب العزيز يقتضى حرمة اخراج المعتدة وإن كان ملك النكاح قائما في الطلاق الرجعي فيترك القياس في مقابلة النص واليه أشار أبو حنيفة فيما روى عنه أنه قال لا يسافر بها ليس من قبل انه غير زوج وهو زوج وهو بمنزلة المحرم لكن الله تعالى قال ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن وأما التخريج الثاني وهو قولهم إن مسافرة الزوج بها دلالة الرجعة فممنوع وما ذكروا أن الظاهر أنه يريد الرجعة تحرزا عن الحرام فذلك فيما كان النهى في التحريم ظاهرا فاما فيما كان خفيا فلا وحرمة اخراج المعتدة عن طلاق رجعي مع قيام ملك النكاح من كل وجه مما لا يخفى عن الفقهاء فضلا عن العوام فلا يثبت الامتناع عنه من طريق الدلالة مع ما ان الخلاف ثابت فيما إذا كان الزوج يقول إنه لا يراجعها نصا ولا معتبر بالدلالة مع التصريح بخلافها وإذا لم تكن المسافرة بها دلالة الرجعة فلو أخرجها لاخرجها مع قيام العدة وهذا حرام بالنص وقد قالوا فيمن خرجت محرمة فطلقها الزوج وبينها وبين مصرها أقل من ثلاثة أيام انها ترجع وتصير بمنزلة المحصر لأنها صارت ممنوعة من المضي في حجها لمكان العدة فاما إذا راجعها الزوج فقد بطلت العدة وعادت الزوجية فجاز له السفر بها ويستوى الجواب في حرمة الخروج والاخراج إلى السفر وما دون ذلك لعموم النهى الا ان النهى
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248