بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٢٠٩
ان امرأة مات زوجها فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأذنه في الانتقال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان إحداكن كانت تمكث في شر أحلاسها إلى الحول ثم تخرج فتلقى البعرة أفلا أربعة أشهر وعشرا فدل الحديث ان عدتهن من قبل نزول هذه الآية كانت حولا وانهن كن في شر أحلاسهن مدة الحول ثم انتسخ ما زاد على هذه المدة وبقى الحكم فيما بقي على ما كان قبل النسخ وهو ان تمكث المعتدة هذه المدة في شر أحلاسها وهذا تفسير الحداد وأما الاجماع فإنه روى عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم منهم عبد الله بن عمر وعائشة وأم سلمة وغيرهم رضي الله عنهم مثل قولنا وهو قول السلف واختلف في المطلقة ثلاثا أو بائنا قال أصحابنا يلزمها الحداد وقال الشافعي لا يلزمها الحداد وجه قوله إن الحداد في المنصوص عليه إنما وجب لحق الزوج تأسفا على ما فاتها من حسن العشرة وإدامة الصحبة إلى وقت الموت وهذا المعنى لم يوجد في المطلقة لان الزوج أوحشها بالفرقة وقطع الوصلة باختيار ولم يمت عنها فلا يلزمها التأسف ولنا ان الحداد إنما وجب على المتوفى عنها زوجها لفوات النكاح الذي هو نعمة في الدين خاصة في حقها لما فيه من قضاء شهوتها وعفتها عن الحرام وصيانة نفسها عن الهلاك بدرور النفقة وقد انقطع ذلك كله بالموت فلزمها الاحداد اظهارا للمصيبة والحزن وقد وجد هذا المعنى في المطلقة الثلاث والمبانة فيلزمها الاحداد وقوله الاحداد في عدة الوفاة وجب لحق الزوج لا يستقيم لأنه لو كان لحق الزوج لما زاد على ثلاثة أيام كما في موت الأب وأما الثالث في شرائط وجوبه فهي أن تكون المعتدة بالغة عاقلة مسلمة من نكاح صحيح سواء كانت متوفى عنها زوجها أو مطلقة ثلاثا أو بائنا فلا يجب على الصغيرة والمجنونة الكبيرة والكتابية والمعتدة من نكاح فاسد والمطلقة طلاقا رجعيا وهذا عندنا وقال الشافعي يجب على الصغيرة والكتابية وجه قوله إن الحداد من أحكام العدة وقد لزمتها العدة فيلزمها حكمها ولنا ان الحداد عبادة بدنية فلا تجب على الصغيرة والكافرة كسائر العبادات البدنية من الصوم والصلاة وغيرهما بخلاف العدة فإنها اسم لمضى زمان وذا لا يختلف بالاسلام والكفر والصغر والكبر على أن بعض أصحابنا قالوا لا تجب عليهما العدة وإنما يجب علينا أن لا نتزوجهما ولا احداد على أم الولد إذا أعتقها مولاها أو مات عنها لأنها تعتد من الوطئ كالمنكوحة نكاحا فاسدا ولا احداد على المعتدة من نكاح فاسد فكذا عليها ولا احداد على المطلقة طلاقا رجعيا لأنه يجب اظهارا للمصيبة على فوت نعمة النكاح والنكاح بعد الطلاق الرجعي غير فائت بل هو قائم من كل وجه فلا يجب الحداد بل يستحب لها أن تترين لتحسن في عين الزوج فيراجعها ولا احداد في النكاح الفاسد لان النكاح الفاسد ليس بنعمة في الدين لأنه معصية ومن المحال ايجاب اظهار المصيبة على فوات المعصية بل الواجب اظهار السرور والفرح على فواتها وأما الحرية فليست بشرط لوجوب الاحداد فيجب على الأمة والمدبرة وأم الولد إذا كان لها زوج فمات عنها أو طلقها والمكاتبة والمستسعاة لان ما وجب له الحداد لا يختلف بالرق والحرية فكانت الأمة فيه كالحرة والله أعلم ومنها وجوب النفقة والسكنى وهو مؤنة السكنى لبعض المعتدات دون بعض وجملة الكلام ان المعتدة اما إن كانت عن طلاق أو عن فرقة بغير طلاق واما إن كانت عن وفاة ولا يخلو من أن تكون معتدة من نكاح صحيح أو فاسدا وما هو في معنى النكاح الفاسد فإن كانت معتدة من نكاح صحيح عن طلاق فإن كان الطلاق رجعيا فلها النفقة والسكنى بلا خلاف لان ملك النكاح قائم فكان الحال بعد الطلاق كالحال قبله ولما نذكر من دلائل أخر وإن كان الطلاق ثلاثا أو بائنا فلها النفقة والسكنى إن كانت حاملا بالاجماع لقوله تعالى وان كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن وإن كانت حائلا فلها النفقة والسكنى عند أصحابنا وقال الشافعي لها السكنى ولا نفقة لها وقال ابن أبي ليلى لا نفقة لها ولا سكنى واحتجا بقوله تعالى وان كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن خص الحامل بالامر بالانفاق عليها فلو وجب الانفاق على غير الحامل لبطل التخصيص وروى عن فاطمة بنت قيس انها قالت طلقني زوجي ثلاثا فلم يجعل لي النبي صلى الله عليه وسلم نفقة ولا سكنى ولان النفقة تجب بالملك وقد زال الملك بالثلاث والبائن الا أن الشافعي يقول عرفت وجوب السكنى في الحامل بالنص بخلاف البائن ولنا قوله تعالى أسكنوهن من
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248