التعليق لا يصدق في القضاء ولا فيما بينه وبين الله تعالى لما ذكرنا أن الواو لا تحتمل التعليق وذكر الكرخي انه يصدق فيما بينه وبين الله تعالى لان الواو تجعل زائدة كما في قوله تعالى حتى إذا فتحت يأجوج إلى قوله واقترب الوعد قيل معناه اقترب الوعد والواو زيادة لان قوله اقترب جواب حتى إذا والجواب عن هذا أن الواو في كلام العرب لم تجئ زائدة في موضع تصلح للعطف أو للتحقيق فلا يمكن أن تجعل ههنا زائدة على أنا نقول إن كثيرا من محققي أهل اللغة جعل الواو زائدة في موضع ما وكانوا يقولون تقدير الآية عندهم حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فتحت واقترب الوعد فكانت الواو للعطف على الجواب المضمر ولو قال أنت طالق فان دخلت الدار لا رواية لهذا قالوا ولقائل أن يقول تطلق للحال لان الفاء صارت فاصلة لأنها كانت لغوا واللغو من الكلام يجعل بمنزلة السكوت ولقائل أن يقول يتعلق الطلاق بالدخول لان الفاء وإن كان مستغنى عنها في الحال الا انها في الجملة حرف تعليق فلا يجوز ان تجعل مانعة من التعليق للانفصال ولو قال أنت طالق ان ولم يذكر فعلا هل يتعلق أم لا ذكر هذه المسألة في ظاهر الرواية وذكر في النوادر على قول محمد يقع الطلاق للحال لأنه لم يذكر ما يتعلق به وعلى قول أبى يوسف لا يقع الطلاق للحال لأنه لما ذكر حرف الشرط علم أنه لم يرد به التطليق وإنما أراد به اليمين والتعليق والله عز وجل أعلم ولو قال لامرأته أنت طالق في الدار أو في مكة فالأصل فيه ان كلمة في كلمة ظرف فان دخلت على ما يصلح ظرفا تجرى على حقيقتها وان دخلت على ما لا يصلح ظرفا تجعل مجازا عن الشرط لمناسبة بين الظرف وبين الشرط ثم الظرف نوعان ظرف زمان وظرف مكان فان دخلت على المكان وقع الطلاق في ذلك المكان وفي غيره بان قال لامرأته أنت طالق في الدار أو في مكة وقع الطلاق وان لم تكن المرأة في الدار ولا في مكة لان الطلاق لا يختص بمكان دون مكان فإذا وقع في مكان وقع في الأماكن كلها وان دخلت على الزمان فإن كان ماضيا يقع الطلاق في الحال نحو أن يقول أنت طالق في الأمس أو في العام الماضي لان انشاء الطلاق في الزمان الماضي لا يتصور فيجعل اخبارا أو تلغو الإضافة إلى الماضي ويبقى قوله أنت طالق فيقع في الحال وكذلك إذا كان حاضرا بان قال أنت طالق في هذا الوقت أو في هذه الساعة يقع في الحال وإن كان مستقبلا لا يقع حتى يأتي بان قال أنت طالق في غد أو في الشهر الآتي لان الطلاق يحتمل الاختصاص بوقت دون وقت فإذا جعل الغد ظرفا لا يقع قبله ولو قال أنت طالق في دخولك الدار أو في قيامك أو في قعودك يتعلق بهذه الأفعال لان الفعل لا يصلح ظرفا ويصلح شرطا فتحمل الكلمة على الشرط مجازا وكذا لو قال أنت طالق في ذهابك إلى مكة لان الذهاب فعل وكذا إذا قال بذهابك لان الباء حرف الصاق فيقتضى الصاق الطلاق بالذهاب وذلك بتعليقه به فيتعلق به ولو قال أنت طالق في الشمس وهي في الظل كانت طالقا لان الشمس لا تصلح ظرفا للطلاق ولا شرطا له فاما أن تلغو ويراد بها مكان الشمس والطلاق لا يحتمل التخصيص بمكان دون مكان ولو قال أنت طالق في صومك كانت طالقا حين يطلع الفجر إذا نوت الصوم لأن الصوم فعل وهو الامساك وانه لا يصلح ظرفا فتجعل الكلمة مجازا عن الشرط والفعل يصلح شرطا فإذا وجد في أول الجزء مع النية في وقته من أهله فقد وجد الصوم الشرعي فوجد الشرط فيقع الطلاق ولو قال أنت طالق في صلاتك لم تطلق حتى تركع وتسجد سجدة لان الصلاة فعل أيضا فلا تصلح ظرفا كالصوم الا انها اسم لافعال مختلفة من القيام والقراءة والركوع والسجود والمتركب من أشياء مختلفة لا ينطلق عليه الاسم بوجود بعضها كالأبلق المتركب من السواد والبياض والسكنجبين المتركب عن السكر والخل ونحو ذلك فما لم توجد الافعال التي وصفنا لا ينطلق عليها اسم فعل الصلاة فلا يحنث بنفس الشروع بخلاف الصوم فإنه اسم لافعال متفقة الاجزاء وهي الامساكات وما تركب من أجزاء متفقة متجانسة ينطلق اسم كله على بعضه لغة كاسم الماء أنه كما ينطلق على ماء البحر ينطلق على قطرة منه فكان الامساك في أول النهار امساكا حقيقة فيقع الطلاق بمجرد الشروع فهو الفرق بينهما ولو قال أنت طالق في حيضك أو في طهرك فإن كان موجودا وقع وإلا فلا يقع ويتوقف على وجوده لان المراد منه وقت الحيض والطهر أي في الوقت الذي تكونين حائضا أو طاهرة فيه
(٢٥)