بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٥٨
طالق ان لم يشاء الله تعالى يكون المستثنى كقوله إن شاء الله تعالى لان هذا في الحقيقة تعليق بعدم دخول الوقوع تحت مشيئة الله تعالى وذلك غير معلوم ولو قال أنت طالق وإن شاء الله أو قال فإن شاء الله تعالى لم يكن استثناء عند أبي يوسف لأنه حال بين الطلاق وبين الاستثناء حرف هو حشو فيصير فاصلا بمنزلة السكتة فيمنع التعليق بالشرط فيقع في الحال ولو قال أنت طالق ثلاثا وثلاثا إن شاء الله تعالى لا يصح الاستثناء ويقع الثلاث في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد الاستثناء جائز وعلى هذا الخلاف إذا قال أنت طالق ثلاثا وواحدة إن شاء الله تعالى وجه قولهما ان في الاستثناء الموصول يقف أول الكلام على آخره فكان قوله ثلاثا وثلاثا كلاما واحدا فيعمل فيه الاستثناء كما لو قال أنت طالق ستا إن شاء الله تعالى ولأنه جمع بين الجملتين بحرف الجمع وهو حرف الواو فصار كما لو ذكرهما بلفظ واحد فقال أنت طالق ستا إن شاء الله تعالى ولأبي حنيفة ان العدد الثاني وقع لغوا لأنه لا يتعلق به حكم إذ لا مزيد للطلاق على الثلاث فصار فاصلا فمنع صحة الاستثناء كما لو سكت بخلاف ما لو قال أنت طالق ستا لأنه ذكر الكل جملة واحدة فلا يمكن فصل البعض عن البعض ولو قال أنت طالق واحدة وثلاثا إن شاء الله تعالى جاز الاستثناء في قولهم جميعا لان الكلام الثاني ههنا ليس بلغو لأنه جملة يتعلق بها حكم فلم يصر فاصلا بخلاف الفصل الأول ولو جمع بين جملتين بحرف الواو ثم قال في آخرهما إن شاء الله تعالى بان قال امرأته طالق وعبده حر إن شاء الله تعالى انصرف الاستثناء إلى الجملتين جميعا حيت لا يقع الطلاق والعتاق بالاتفاق وكذا إذا ذكر الشرط في آخر الجملتين بان قال إن دخلت الدار أو ان كلمت فلانا ولو قال لزيد على ألف درهم ولعمر وعلى ألف درهم الا خمسمائة انصرف الاستثناء إلى الجملة الأخيرة عند عامة العلماء وقال بعضهم ينصرف إلى جميع ما تقدم من الجمل وبه أخذ الشافعي وعلى هذا الأصل بنوا مسألة المحدود في القذف إذا تاب وشهد لأنه قوله الا الذين تابوا منصرف إلى ما يليه عندنا وعندهم إلى جميع ما تقدم وجه قول هؤلاء ان واو العطف إذا دخل بين الكلامين يجعلهما كلاما واحدا كما في قول القائل جاءني زيد وعمر ومعناه جاءاني وكما إذا قال امرأته طالق وعبده حر إن شاء الله تعالى أو قال إن دخلت الدار انه يتعلق الأمران جميعا بالشرط وإن كان كل واحد منهما جملة تامة لكن لما دخل بينهما واو العطف جعل كلاما واحدا وتعلقا جميعا بالشرط كذا هذا ولهذا إذا كان المعطوف ناقصا شارك الأول في حكمه وجعل الكل كلاما واحدا بان قال لامرأته أنت طالق وفلانة حتى يقع الطلاق عليهما كذا هذا ولنا ان الأصل في الاستثناء أن ينصرف إلى ما يليه لأنه أقرب إليه ومتصل به ولأنه ليس بكلام مفيد بنفسه مستقل بذاته فلابد من ربطه بغيره ليصير مفيدا وهذه الضرورة تندفع بالصرف إلى ما يليه فانصرف إلى غيره من الجمل المتقدمة بدخول حرف العطف بين الجملتين فيجعلهما كلاما واحدا وجملة واحدة وإنما يجعل كلاما واحدا والجملتان جملة واحدة بواو العطف إذا كانت احدى الجملتين ناقصة بحيث لو فصلت عن الجملة الأخرى لا تكون مفيدة فأما إذا كانت كاملة بحيث لو فصلت عن الأخرى كانت مفيدة فلا يجعلان كلاما واحدا لان الجعل للعطف الموجب للشركة والشركة ثابتة بدون حرف الواو فكان الوصل والاشراك بحرف الواو وعدمه سواء ولان جعل الكلامين كلاما واحدا خلاف الحقيقة فلا يصار إليه الا لضرورة وهي أن تكون احدى الجملتين ناقصة اما صورة أو معنى كما في قول القائل جاءني زيد وعمر فان الجملة الثانية ناقصة لأنها مبتدأ لا خبر له فجعلت كاملة بالاشراك بحرف الواو كما في قول الرجل لامرأتيه زينب طالق وعمرة لما قلنا أو تكون ناقصة معنى في حق حصول غرض المتكلم كما في قوله امرأته طالق وعبده حر إن شاء الله تعالى أو ان دخلت الدار فان هناك احدى الجملتين ناقصة في حق حصول غرضه أن يجعلهما جميعا جزاء واحدا للشرط وإن كان كل واحد في نفسه يصلح جزاء تاما وهذا الغرض لا يحصل الا بالاشراك والوصل فيكون أحدهما بعض الجزاء فكانت جملة ناقصة في المعنى وهو تحصيل غرضة فيجعل كأنه ناقص في أصل الإفادة ومثل هذه الضرورة لم توجد ههنا فبقيت كل جملة منفردة بحكمها وإن كانت معطوفة بحرف الواو كما لو قال جاءني زيد وذهب عمر فان هذا
(١٥٨)
مفاتيح البحث: المنع (1)، السكوت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248