بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٥٤
الأصل نوعان استثناء وضعي واستثناء عرفي أما الوضعي فهو أن يكون بلفظ موضوع للاستثناء وهو كلمة الا وما يجرى مجراها نحو سوى وغير وأشباه ذلك وأما العرفي فهو تعليق بمشيئة الله تعالى وأنه ليس باستثناء في الوضع لانعدام كلمة الاستثناء بل الموجود كلمة الشرط الا انهم تعارفوا اطلاق اسم الاستثناء على هذا النوع قال الله تعالى إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون أي لا يقولون إن شاء الله تعالى وبينه وبين الأول مناسبة في معنى ظاهر لفظ الاستثناء وهو المنع والصرف دون الحقيقة فأطلق اسم الاستثناء عليه وبعض مشايخنا قال الاستثناء نوعان استثناء تحصيل واستثناء تعطيل فسمى الأول استثناء تحصيل لأنه تكلم بالحاصل بعد الثنيا والثاني تعطيلا لما أنه يتعطل الكلام به وأما الكلام في بيان ماهية كل نوع أما النوع الأول فهو تكلم بالباقي بعد الثنيا وهذه العبارة هي المختارة دون قولهم استخراج بعض الجملة الملفوظة لان القدر المستثنى اما أن يدخل بعد نص المستثنى منه واما أن لا يدخل فإن لم يدخل لا يتصور الاخراج وان دخل يتناقض الكلام لان نص المستثنى منه يثبت ونص الاستثناء ينفى ويستحيل أن يكون الحكم الواحد في زمان مثبتا ومنفيا ولهذا فهم من قوله تعالى فلبث فيهم ألف سنة الا خمسين عاما ما ذكرنا حتى يصير في التقدير كأنه قال فلبث فيهم تسعمائة وخمسين عاما لا معنى الاخراج لئلا يؤدى إلى الخلف في خبر الله تعالى (وأما) النوع الثاني فهو تعليق بالشرط إذا كان مما يتوقف عليه ويعلم وجوده ينزل المعلق عند وجوده وإن كان مما لا يعلم لا ينزل وهذا النوع من التعليق من هذا القبيل لما نذكره إن شاء الله تعالى (وأما) شرط صحته فلصحة الاستثناء شرائط بعضها يعم النوعين وبعضها يخص أحدهما أما الذي يعمهما جميعا فهو أن يكون الاستثناء موصولا بما قبله من الكلام عند عدم الضرورة حتى لو حصل الفصل بينهما بسكوت أو غير ذلك من غير ضرورة لا يصح وهذا قول عامة الصحابة رضي الله عنهم وعامة العلماء لا شيئا روى عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ان هذا ليس بشرط ويصح متصلا ومنفصلا واحتج بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأغزون قريشا ثم قال بعد سنة إن شاء الله تعالى ولو لم يصح لما قال ولان الاستثناء في معنى التخصيص لان كل واحد منهما بيان ثم التخصيص يصح مقارنا ومتراخيا فكذا الاستثناء يجب أن يكون متصلا ومنفصلا ولنا أن الأصل في كل كلام تام بنفسه فإن كان مبتدأ وخبرا أن لا يقف حكمه على غيره والوقف عند الوصل لضرورة وهي ضرورة استدراك الغلط والضرورة تندفع بالموصول فلا يقف عند عدم الوصل ولهذا يقف على الشرط المنقطع فكذا على الاستثناء المنقطع ولأنه عند عدم الوصول ليس باستثناء لغة لان العرب لم تتكلم به ومن تكلم به لا يعدونه استثناء بل يسخرون منه وبهذا تبين أن الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما لا تكاد تصح لأنه كان اماما في اللغة كما كان اماما في الشريعة وأما التخصيص المتراخي فعند بعض مشايخنا ليس ببيان بل هو فسخ فلا يلزم وعند بعضهم بيان لكن الحاق البيان بالمجمل والعام الذي يمكن العمل بظاهره متراخيا مشهور عندهم وانه كثير النظير في كتاب الله عز وجل وأما الحديث ففيه أنه قال بعد تلك المقالة بسنة إن شاء الله تعالى وليس فيه انه قصد به تصحيح الاستثناء فيحمل انه أراد به استدراك الاستثناء المأمور به في الكتاب العزيز قال عز وجل ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله أي الا أن تقول إن شاء الله فنسي ذلك فتذكره بعد سنة فأمر باستدراكه بقوله سبحانه وتعالى واذكر ربك إذا نسيت ويحتمل أنه عليه الصلاة والسلام أضمر في نفسه أمرا وأراد في قلبه وعزم عليه فأظهر الاستثناء بلسانه فقال إن شاء الله ومثل هذا معتاد فيما بين الناس فلا يصح الاحتجاج به مع الاحتمال هذا الذي ذكرنا إذا كان الفصل من غير ضرورة فاما إذا كان لضرورة التنفس فلا يمنع الصحة ولا يعد ذلك فصلا الا أن يكون سكتة هكذا روى هشام عن أبي يوسف لان هذا النوع من الفصل مما لا يمكن التحرز عنه فلا يعتبر فصلا ويعطى له حكم الوصل للضرورة وأما كون الاستثناء مسموعا فهل هو شرط ذكر الكرخي انه ليس بشرط حتى لو حرك لسانه وأتى بحروف الاستثناء يصح وان لم يكن مسموعا وذكر الفقيه أبو جعفر الهندواني أنه شرط ولا يصح الاستثناء بدونه وجه ما ذكره الكرخي ان الكلام هو الحروف المنظومة
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248