الطلاق فواقع ومنهم من قال معناه أنه لا يقع الطلاق ولا يجب المال عليها وذكر الطحاوي في اختلاف العلماء انه غير واقع في الخلاف ابتداء انه لا يقع الطلاق عند أصحابنا وقيل في المسألة روايتان والحاصل أنه لا خلاف في أنه لا يجب المال عليها لأن الخلع في جانبها معاوضة المال بما ليس بمال والصغيرة تتضرر بها وتصرف الاضرار لا يدخل تحت ولاية الولي كالهبة والصدقة ونحو ذلك وإنما الاختلاف في وقوع الطلاق وجه القول الأول ان صحة الخلع لا تقف على وجوب العوض فان الخلع يصح على ما لا يصلح عوضا كالميتة والدم والخنزير والخمر ونحو ذلك فلم يكن من ضرورة عدم وجوب المال عدم وقوع الطلاق وجه الثاني أن الخلع متى وقع على بدل هو مال يتعلق وقوع الطلاق بقبول يجب به المال وقبول الأب لا يجب به المال لأنه ليس له ولاية القبول على الصغيرة لكونه ضررا بها فان خلعها الأب على ألف على أنه ضامن فالخلع واقع والألف عليه لما ذكرنا ان من شرط صحة الخلع في حق وقوع الطلاق ووجوب البدل قبول ما يصلح بدلا ممن هو أهل القبول والمرأة والأب والأجنبي في هذا سواء لما بينا واما شرط وجوب العرض وهو المسمى في عقد الخلع فله شرطان أحدهما قبول العوض لان قبول العوض كما هو شرط وقوع الفرقة من جانبه فهو شرط لزوم العوض من جانبها لما ذكرنا سواء كان العوض المذكور في الخلع من مهرها الذي استحقته بعقد النكاح من المسمى ومهر المثل أو مالا آخر وهو المسمى بالجعل فهذا الشرط يعم العوضين جميعا والثاني يخص الجعل لان ما يصلح عوضا في النكاح يصلح عوضا في الخلع من طريق الأولى وليس كل ما يصلح عوضا في الخلع يصلح عوضا في النكاح لان باب الخلع أوسع إذ هو يتحمل جهالة لا يتحملها النكاح على ما نذكر لذلك اختص وجوب المسمى فيه بشرط لم يشترط في النكاح لوجوب المسمى وهو تسمية مال متقوم موجود وقت الخلع معلوم أو مجهول جهالة قليلة أو كثيرة وإذا لم تكن متفاحشة فان وجد هذا الشرط وجب الجعل والا فلا يجب وهل يجب عليها رد ما استحقته من المسمى أو مهر المثل بعقد النكاح ينظر إن كان المسمى مالا متقوما يجب وإن كان معدوما وقت الخلع أو مجهولا جهالة متفاحشة كجهالة الجنس وما يجرى مجراها وان لم يكن المسمى مالا متقوما فلا شئ عليها أصلا وتقع الفرقة ثم الجعل في الخلع إن كان مما يصح تسميته مهرا في النكاح فحكمه حكم المهر أعني ان المسمى في النكاح إن كان مما يجبر الزوج على تسليم عينه إلى المرأة ففي الخلع تجبر المرأة على تسليم عينه إلى الزوج وإن كان مما يتخير الزوج بين تسليم الوسط منه وبين تسليم قيمته ففي الخلع تتخير المرأة كالعبد والفرس ونحو ذلك لان المسمى في العقدين جميعا عوض عن ملك النكاح الا انه في أحدهما عوض عنه ثبوتا وفي الآخر سقوطا فيعتبر أحد العقدين بالآخر في هذا الحكم والقيمة فيما يوجب الوسط منه أصل لان كونه وسطا يعرف بها على ما مر في كتاب النكاح وبيان هذه الشرائط في مسائل إذا خلع امرأته على ميتة أو دم أو خمر أو خنزير وقعت الفرقة ولا شئ له على المرأة من الجعل ولا يرد من مهرها شيئا أما وقوع الفرقة فلأن الخلع بعوض معلق بقبول المرأة ما جعل عوضا ذكرا وتسمية سواء كان المسمى مما يصلح عوضا أولا لأنه من جانب الزوج تعليق الطلاق بشرط القبول وقد قبلت فصار كأنه صريح بتعليق الطلاق بقبولها العوض المذكور فقبلت ولو كان كذلك لوقع الطلاق إذا قبلت كذا هذا وأما عدم وجوب شئ له على المرأة فلأن الخلع طلاق والطلاق قد يكون بعوض وقد يكون بغير عوض والميتة والدم ليست بمال في حق أحد فلا تصلح عوضا والخمر والخنزير لا قيمة لهما في حق المسلمين فلم يصلحا عوضا في حقهم فلم تصح تسمية شئ من ذلك فإذا خلعها عليه فقد رضى بالفرقة بغير عوض فلا يلزمها شئ ولأن الخلع من جانب الزوج اسقاط الملك واسقاط الملك قد يكون بعوض وقد يكون بغير عوض كالاعتاق فإذا ذكر مالا يصلح عوضا أصلا أو مالا يصلح عوضا في حق المسلمين فقد رضى بالاسقاط بغير عوض فلا يستحق عليها شيئا ولان منافع البضع عند الخروج عن ملك الزوج غير متقومة لان المنافع في الأصل ليست بأموال متقومة الا أنها جعلت متقومة عند المقابلة بالمال المتقوم فعند المقابلة بما ليس بمال متقوم يبقى على الأصل ولأنها إنما
(١٤٧)