لأنه يصر مستثنيا من كل ثنتين واحدة فبقي من كل جملة واحدة وروى هشام بن عبد الله الرازي عن محمد فيمن قال أنت طالق اثنتين واثنتين الا ثلاثا انه يقع ثلاث لأنه لا يمكن تصحيح الاستثناء ههنا لان أول الكلام في كل واحدة من الجملتين وقف على آخره فصار كأنه قال أنت طالق ثلاثا الا ثلاثا لأنه لا يمكن ان يجعل الاستثناء في الجملتين على السواء لأنه يصير مستثنيا من كل جملة تطليقة ونصفا وهذا استثناء جميع الجملة لان استثناء واحدة ونصف استثناء ثنتين لان ذكر البعض فيما لا يتبعض ذكر لكله فكان استثناء الكل من الكل ولا يمكن ان يجعل من احدى الجملتين لأنه يكون استثناء الكل من الكل وزيادة ولا يمكن ان يصرف اثنتان من الثلاث أو جملة واحدة إلى جملة أخرى لان هذا خلاف تصرفه وانشاء تصرف آخر لم يوجد منه فتعذر تصحيح هذا الاستثناء من جميع الوجوه فبطل والاشكال على القسم الأول ان ذكر البعض فيما لا يتبعض لا يكون ذكرا للكل في الاستثناء بل هو ملحق بالعدم بدليل انه لو قال أنت طالق ثلاثا الا واحدة ونصفا يقع عليها ثنتان ولو كان ذكر بعض الطلاق ذكرا لكله في الاستثناء لوقع عليه واحدة لأنه يصير كأنه قال أنت طالق ثلاثا الا اثنتين وكان الفقه في ذلك ان الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا فينظر إلى الباقي والباقي ههنا تطليقة ونصف ونصف تطليقة تطليقة كاملة فيقع ثنتان كأنه قال أنت طالق اثنتين وإذا لم يصر ذكر البعض ذكرا للكل في الاستثناء يصير مستثنيا من كل جملة تطليقة واحدة وتلغو واحدة من الاستثناء وهذه أولى من الغاء الكل فيجب ان يقع ثنتان كما في المسألة الأولى عندهما وفي هذه المسألة اشكال على ما روى هشام عن محمد وروى هشام أيضا عن محمد فيمن قال أنت طالق اثنتين وأربعا الا خمسا انها تطلق ثلاثا لأنه لا يمكن تصحيح الاستثناء بالصرف إلى الجملتين على الشيوع ولا بالصرف إلى واحدة منهما ولا يصرف البعض عينا إلى جملة والبعض إلى جملة أخرى لما قلنا والاشكال على القسم الأول على ما بينا وقال بشر عن أبي يوسف فيمن قال لامرأته أنت طالق واحدة واثنتين الا اثنتين انه ثلاث وهو قول محمد والوجه فيه ما ذكرنا والاشكال على نحو ما بينا هذا إذا كان لفظ الاستثناء من جنس المستثنى منه فإن كان شيئا خلاف جنسه يصح الاستثناء ولا تطلق وان أتى على جميع المسمى نحو أن يقول نسائي طوالق الا هؤلاء وليس له نساء غيرهن فإنه يصح الاستثناء ولا تطلق واحدة منهن لان الاستثناء يعتبر فيه اللفظ والإشارة مع التسمية مختلفان لفظا فصح الاستثناء بخلاف قوله نسائي طوالق الا نسائي ولان عند اختلاف اللفظين يكون معناه نسائي غير هؤلاء طوالق وهذا إضافة الطلاق إلى غير هؤلاء وقيل هذا إذا كان الأربع ما دون هؤلاء فإذا كن أربعا لا يصح الاستثناء ويطلقن كلهن لأنه لا يتصور استثناء غيرهن فصار كما لو قال نسائي طوالق ولا نساء له وهناك لا يصح الاستثناء ويطلقن كلهن فيصير التقدير كأنه قال نسائي الا نسائي طوالق ولو قال ذلك طلقن كذا هذا وكذا في العتاق إذا قال عبيدي كلهم أحرار الا عبيدي لم يصح الاستثناء وعتقوا جميعا ولو قال عبيدي أحرار الا هؤلاء وليس له عبيد غير هؤلاء لم يعتق واحد منهم وكذلك هذا في الوصية إذا قال أوصيت بثلث مالي لفلان أو أوصيت لفلان بثلث مالي الا ألف درهم ومات وثلث ماله ألف درهم صح الاستثناء وبطلت الوصية ولو قال أوصيت بثلث مالي لا ثلث مالي لم يصح الاستثناء وكان للموصى له ثلث ماله ولو قال أنت طالق عشرا الا تسعا يقع واحدة والأصل انه إذا تكلم بالطلاق بأكثر من الثلاث ثم استثنى منه فالاستثنى يرجع إلى جملة الكلام لا إلى القدر الذي يصح وقوعه وهو الثلاث خاصة فيتبع اللفظ لا الحكم فلا يثبت الحكم في القدر المستثنى ويثبت فيما بقي قدر ما يصح ثبوته لأنه تكلم بالباقي بعد الثنيا فإذا قال أنت طالق عشرا الا تسعا يقع واحدة ولو قال الا ثمانيا يقع اثنتان وإذا قال الا سبعا يقع ثلاثا لما ذكرنا ان الاستثناء يتبع اللفظ لا الحكم فصح الاستثناء ودخل على الجملة الملفوظة وعمل فيها فتبين ان القدر المستثنى لم يدخل في الجملة فلا يقع قدر ما دخل عليه الاستثناء ويقع الباقي وهو الثلاث لأنه مما يصح وقوعه كذلك إذا قال الا ستا أو خمسا أو أربعا أو ثلاثا أو اثنتين أو واحدة يقع ثلاث لان الثلاث هي التي يصح وقوعها مما بقي إذ لا يزيد الطلاق على الثلاث ولو قال أنت طالق ثلاثا
(١٥٦)