اختلفا في جنس ما وقع عليه الطلاق أو نوعه أو قدره فالقول قول المرأة وعلى الزوج البينة لان قبول البدل إلى المرأة والزوج يدعى عليها شيئا وهي تنكر فكان القول قولها ولو قال لها طلقتك أمس على ألف درهم أو بألف درهم فلم تقبلي فقالت لا بل كنت قبلت فالقول قول الزوج فرق بين هذا وبين ما إذا قال لانسان بعتك هذا العبد أمس بألف درهم فلم تقبل فقال لا بل قبلت ان القول قول المشترى ووجه الفرق ان الزوج في مسألة الطلاق لم يصر مناقضا في قوله فلم تقبلي لان قول الرجل لامرأته طلقتك أمس على ألف يسمى طلاقا على ألف قبلته المرأة أو لم تقبل فلم يكن الزوج في قوله فلم تقبلي مناقضا بخلاف البيع لان الايجاب بدون القبول لا يسمى بيعا فكان الاقرار بالايجاب اقرارا بالقبول فصار البائع مناقضا في قوله فلم تقبل ولأن المرأة في باب الطلاق تدعى وقوع الطلاق لأنها تدعى وجود شرط الوقوع والزوج ينكر الوقوع لانكاره شرط الوقوع فكان القول قول المنكر والله الموفق (وأما) بيان قدر ما يحل للزوج من أخذ العوض وما لا يحل فجملة الكلام فيه ان النشوز لا يخلو إن كان من قبل الزوج واما إن كان من قبل المرأة فإن كان من قبل الزوج فلا يحل له أخذ شئ من العوض على المخلع لقوله تعالى وان أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا نهى عن أخذ شئ مما آتاها من المهر وأكد النهى بقوله أتأخذونه بهتانا واثما مبينا وقوله ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن أي لا تضيقوا عليهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن الا ان يأتين بفاحشة مبينة أي الا ان ينشرن نهى الأزواج عن أخذ شئ مما أعطوهن واستثنى حال نشوزهن وحكم المستثنى يخالف حكم المستثنى منه فيقتضى حرمة أخذ شئ مما أعطوهن عند عدم النشوز منهن وهذا في حكم الديانة فان أخذ جاز ذلك في الحكم ولزم حتى لا يملك استرداده لان الزوج أسقط ملكه عنها بعوض رضيت به والزوج من أهل الاسقاط والمرأة من أهل المعاوضة والرضا فيجوز في الحكم والقضاء وإن كان النشوز من قبلها فلا بأس بأن يأخذ منها شيئا قدر المهر لقوله تعالى الا أن يأتين بفاحشة مبينة أي الا أن ينشزن والاستثناء من النهى إباحة من حيث الظاهر وقوله فلا جناح عليهما فيما افتدت به قيل أي لا جناح على الزوج في الاخذ وعلى المرأة في الاعطاء وأما الزيادة على قدر المهر ففيها روايتان ذكر في كتاب الطلاق انها مكروهة وهكذا روى عن علي رضي الله عنه انه كره للزوج ان يأخذ منها أكثر مما أعطاها وهو قول الحسن البصري وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وطاوس وذكر في الجامع الصغير أنها غير مكروهة وهو عثمان البتي وبه أخذ الشافعي وجه هذه الرواية ظاهر قوله تعالى فلا جناح عليهما فيما افتدت به رفع الجناح عنهما في الاخذ والعطاء من الفداء من غير فصل بين ما إذا كان مهر المثل أو زيادة عليه فيجب العمل باطلاق النص ولأنها أعطت مال نفسها بطيبة من نفسها وقد قال الله تعالى فان طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا بخلاف ما إذا كان النشوز من قبله لان النشوز إذا كان من قبل الزوج كانت هي مجبورة في دفع المال لأن الظاهر أنها مع رغبتها في الزوج لا تعطى إذا كانت مضطرة من جهته بأسباب أو مغترة بأنواع التغرير والتزوير فكره الاخذ وجه رواية الأصل قوله تعالى ولا يحل لكم ان تأخذوا مما آتيتموهن شيئا الا أن يخافا ان لا يقيما حدود الله إلى قوله ولا جناح عليهما فيما افتدت به نهي عن اخذ؟
مما أعطاها من المهر واستثنى القدر الذي أعطاها من المهر عند خوفهما ترك إقامة حدود الله على ما نذكر والنهي عن اخذ شئ من المهر نهى عن اخذ الزيادة على المهر من طريق الأولى كالنهي عن التأفيف أنه يكون نهيا عن الضرب الذي هو فوقه بالطريق الأولى وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال لامرأة ثابت بن قيس بن شماس أتردين عليه حديقته فقالت نعم وزيادة قال أما الزيادة فلا نهى عن الزيادة مع كون النشوز من قبلها وبه تبين ان المراد من قوله فيما افتدت قدر المهر لا الزيادة عليه وإن كان ظاهره عاما عرفنا ببيان النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو وحي غير متلو والدليل عليه أيضا قوله تعالى في صدر الآية ولا يحل لكم ان تأخذوا مما آتيتموهن شيئا ذكر في أول الآية ما آتاها فكان المذكور في آخرها وهو قوله فيما افتدت به مردود إلى أولها فكان المراد من قوله فيما افتدت أي بما آتاها