بشرط البيان فيقع الطلاق في المبينة لا في المجهولة على أنا ان قلنا بالوقوع كما قال بعضهم فهذه جهالة يمكن رفعها بالبيان فالطلاق يحتمل خطر الجهالة ألا ترى انه يحتمل التعليق والإضافة بحقيقة ان البيع يحتمل جريان الجهالة فان إذا باع قفيزا من صبرة جاز وكذا إذا باع أحد شيئين على أن المشترى بالخيار يأخذ أيهما شاء ويرد الآخر جاز فالطلاق أولى لأنه في احتمال الخطر فوق البيع ألا ترى انه يحتمل التعليق والإضافة والبيع لا يحتمل ذلك فلما جاز بيع المجهول فالطلاق أولى وسواء كانت الجهالة مقارنة أو طارئة بان طلق واحدة من نسائه عينا ثم نسي المطلقة حتى لا يحل له وطئ واحدة منهن لان المقارن لما لم يمنع صحة الإضافة فالطارئ لان لا يرفع الإضافة الصحيحة أولى لان المنع أسهل من الرفع والله عز وجل أعلم ومنها الإضافة إلى جميع أجزائها أو إلى جامع منها أو شائع وجملة الكلام انه لا خلاف انه إذا أضاف الطلاق إلى جزء جامع منها كالرأس والوجه والرقبة والفرج انه يقع الطلاق لأن هذه الأعضاء يعبر بها عن جميع البدن يقال فلان يملك كذا وكذا رأسا من الرقيق وكذا وكذا رقبة وقال الله تعالى أو تحرير رقبة والمراد بها الجملة وفي الخبر لعن الله الفروج على السروج والوجه يذكر ويراد به الذات قال الله سبحانه وتعالى كل شئ هالك الا وجهه أي الا هو ومن كفل بوجه فلان يصير كفيلا بنفسه فيثبت ان هذه الأعضاء يعبر بها عن جميع البدن فكان ذكرها ذكر للبدن كأنه قال أنت طالق وكذا إذا أضاف إلى وجهها لان قوام النفس بها ولان الروح تسمى نفسا قال الله تعالى الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها ولو أضاف الطلاق إلى دبرها لا يقع لان الدبر لا يعبر به عن جميع البدن بخلاف الفرج ولا خلاف أيضا في أنه إذا أضاف الطلاق إلى جزء شائع منها بان قال نصفك طالق أو ثلثك طالق أو ربعك طالق أو جزء منك انه يقع الطلاق لان الجزء الشائع محل للنكاح حتى تصح إضافة النكاح إليه فيكون محلا للطلاق ولان الإضافة إلى الجزء الشائع يقتضى ثبوت حكم الطلاق فيه وانه شائع في جملة الاجزاء بعذر الاستمتاع بجميع البدن لما في الاستمتاع به استمتاع بالجزء الحرام فلم يكن في ابقاء النكاح فائدة فيزول ضرورة واختلف فيما إذا أضاف الطلاق إلى الجزء المعين الذي لا يعبر به عن جميع البدن كاليد والرجل والإصبع ونحوها قال أصحابنا لا يقع الطلاق وقال زفر يقع وبه أخذ الشافعي وجه قولهما ان اليد جزء من البدن فيصح إضافة الطلاق إليها كما لو أضاف إلى الجزء الشائع منها والدليل على أن اليد جزء من البدن ان البدن عبارة عن جملة أجزاء مركبة منها اليد فكانت اليد بعض الجملة المركبة والإضافة إلى بعض البدن إضافة إلى الكل كما في الجزء الشائع ولنا قوله تعالى فطلقوهن لعدتهن أمر الله تعالى بتطليق النساء والنساء جمع المرأة والمرأة اسم لجميع أجزائها والامر بتطليق الجملة يكون نهيا عن تطليق جزء منها لا يعبر عنه جميع البدن لأنه ترك لتطليق جملة البدن والامر بالفعل نهى عن تركه والمنهى لا يكون مشروعا فلا يصح شرعا ولان قوله يدك طالق إضافة الطلاق إلى ما ليس محل الطلاق فلا يصح كما لو أضاف الطلاق إلى خمارها ودلالة الوصف انه أضاف الطلاق إلى يدها ويدها ليست بمحل للطلاق لوجهين أحدهما انها ليست بمحل للنكاح حتى لا تصح إضافة النكاح إليها فلا تكون محلا للطلاق لان الطلاق رفع ما يثبت بالنكاح ألا ترى انها ما لم تكن محلا للإقالة لأنها فسخ ما ثبت بالبيع كذا هذا والثاني ان محل الطلاق محل حكم في عرف الفقهاء وحكم الطلاق زوال قيد النكاح وقيد النكاح ثبت في جملة البدن لا في اليد وحدها لان النكاح أضيف إلى جملة البدن ولا يتصور القيد الثابت في جملة البدن في اليد وحدها فكانت الإضافة إلى اليد وحدها إضافة إلى ما ليس محل الطلاق فلا يصح وكذا يقال في الجزء الشائع لأنه لا يثبت الحكم في البدن بالإضافة إلى الجزء الشائع بل لمعنى آخر وهو عدم الفائدة في بقاء النكاح على ما مر بيانه أو يضاف إليه لأنه من ضرورات الإضافة إلى الجزء الشائع كمن قطع حبلا مملوكا له تعلق به قنديل غيره وههنا لا ضرورة لو تثبت الحرمة في الجزء المعين مقصورا عليه لامكان الانتفاع بباقي البدن فكان بقاء النكاح مفيدا لكن لا قائل به على ما عرف في الخلافيات وأما قوله اليد جزء من البدن فنقول إن سلم ذلك لكنه جزء معين فلم يكن محلا للطلاق بخلاف
(١٤٣)