بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١١٩
وجود الموصوف فثبت كون هذا اللفظ من ألفاظ الطلاق بالشرع فيتبع مورد الشرع والشرع ورد به مع قرينة الفراق نصا أو دلالة أو قرينة النفس فان اختيار الفراق مضمر في قوله تعالى ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها بدليل ما يقابله وهو قوله وان كنتن تردن الله ورسوله فدل على اضمار اختيار الفراق كأنه قال إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها مع اختيار فراق الرسول صلى الله عليه وسلم فكان ذلك تخييرا لهن بين ان يخترن الحياة الدنيا وزينتها مع اختيار فراق الرسول صلى الله عليه وسلم وبين ان يخترن الله ورسوله والدار الآخرة فكن مختارات للطلاق لو اخترن الدنيا أو كان اختيارهن الدنيا وزينتها اختيار الفراق ورسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لم يكن معه الدنيا وزينتها والصحابة رضي الله عنهم جعلوا للمخيرة المجلس وقالوا إذا اختارت نفسها في مجلسها وقع الطلاق عليها فهذا مورد الشرع في هذا اللفظ فيقتصر حكمه على مورد الشرع فإذا قال لها اختاري فقال اخترت لا يقع به شئ لأنه ليس في معنى مورد الشرع فيبقى الامر فيه على أصل القياس فلا يصلح جوابا ولان قوله اختاري معناه اختاري إياي أو نفسك فإذا قالت اخترت فلم تأت بالجواب لأنها لم تختر نفسها ولا زوجها لم يقع فيه شئ وإذا قال لها اختاري نفسك فقالت اخترت فهذا جواب لأنها أخرجته مخرج الجواب كقوله اختاري نفسك فينصرف إليها كأنها قالت اخترت نفسي وكذا إذا قال لها اختاري فقالت اخترت نفسي لما ذكرنا ان معنى قوله اختاري أي اختاري إياي أو نفسك وقد اختارت نفسها فقد أتت بالجواب وكذا لو قالت أختار نفسي يكون جوابا استحسانا والقياس ان لا يكون جوابا لان قولها أختار يحتمل الحال ويحتمل الاستقبال فلا يكون جوابا مع الاحتمال وجه الاستحسان ان صيغة افعل موضوعة للحال وإنما تستعمل للاستقبال بقرينة السين وسوف على ما عرف في موضعه وكذا إذا قال اختاري اختاري فقالت اخترت فيكون جوابا وان لم يوجد ذكر النفس من الجانبين جميعا لان تكرار الاختيار دليل إرادة اختيار الطلاق لأنه هو الذي يقبل التعدد كأنه قال اختاري الطلاق فينصرف الجواب إليه وكذا إذا قال اختاري اختيارة فقالت اخترت اختيارة فهو جواب لان قوله اختيارة يفيد معنيين أحدهما تأكيد الامر والثاني معنى التوحد والتفرد فالتقييد بما يوجب التفرد يدل على أنه أراد به التخيير فيما يقبل التعدد وهو الطلاق وإذا قال لها اختاري الطلاق فقالت اخترت فهو جواب لأنه فوض إليها اختيار الطلاق نصا فينصرف الجواب إليه وكذا إذا قال لها اختاري فقالت اخترت الطلاق لان معنى قوله اختاري أي اختاري إياي أو نفسك فإذا قالت اخترت الطلاق فقد اختارت نفسها فكان جوابا ولو قال لها اختاري فقالت اخترت أبى وأمي أو أهلي والأزواج فالقياس ان لا يكون جوابا ولا يقع به شئ وفي الاستحسان يكون جوابا وجه القياس انه ليس في لفظ الزوج ولا في لفظ المرأة ما يدل على اختيارها نفسها فلا يصلح جوابا وجه الاستحسان ان في لفظها ما يدل على الطلاق لأن المرأة بعد الطلاق تلحق بأبويها وأهلها وتختار الأزواج عادة فكان اختيارها هؤلاء دلالة على اختيارها الطلاق فكأنها قالت اخترت الطلاق (وأما) الواقع بهذه الألفاظ فإن كان التخيير واحدا ولم يذكر الثلاث في التخيير فلا يقع الاطلاق واحد وان نوى الثلاث في التخيير ويكون بائنا عندنا إن كان التفويض مطلقا عن قرينة الطلاق وقال الشافعي إذا أراد الزوج بالتخيير الطلاق فاختارت نفسها ونوت الطلاق يقع واحدة رجعية وهذا مذهبه في الامر باليد أيضا وقد اختلفت الصحابة رضي الله عنهم فيمن خير امرأته فاختارت زوجها أو اختارت نفسها قال بعضهم ان اختارت زوجها لا يقع شئ وهو قول عمر وعبد الله بن مسعود وأبى الدرداء وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وروى عن علي رضي الله عنه انها إذا اختارت زوجها يقع تطليقة رجعية والترجيح لقول الأولين لما روى عن عائشة رضي الله عنها انها قالت خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعد ذلك طلاقا وعن مسروق عن عائشة رضي الله عنها انها سئلت عن الرجل يخير امرأته يكون طلاقا فقالت خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان طلاقا ولان التخيير اثبات الخيار في الفراك والبقاء على النكاح واختيارها زوجها دليل الاعراض عن ترك النكاح والاعراض عن
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248