هذه الحيضة وتحيض مرة أخرى لأنه جعل الحيض شرطا لوقوع الطلاق والشرط ما يكون معدوما على خطر الوجود وهو الحيض الذي يستقبل لا الموجود في الحال فكان هذا تعليق الطلاق بحيض مبتدأ ولو قال لها إذا حضت فأنت طالق وفلانة معك فقالت حضت ان صدقها الزوج يقع الطلاق عليهما جميعا وان كذبها يقع الطلاق عليها ولا يقع على صاحبتها لأنها أمينة في حق نفسها لا في حق غيرها فثبت حيضها في حقها لا في حق صاحبتها ويجوز أن يكون الكلام الواحد مقبولا في حق شخص غير مقبول في حق شخص آخر كما يجوز أن يكون مقبولا وغير مقبول في حق حكمين مختلفين كشهادة النساء مع الرجال إذا قامت على السرقة انها تقبل في حق المال ولا تقبل في حق القطع وإذا قال إذا حضت فامرأتي الأخرى طالق وعبدي حر فقالت قد حضت يقع الطلاق والعتاق إذا صدقها الزوج وان كذبها لا يقع لما ذكرنا ان اقرارها على غيرها غير مقبول لأنه بمنزلة الشهادة على الغير ولو قال إذا ولدت فأنت طالق فقالت ولدت لا يقع الطلاق ما لم يصدقها الزوج أو يشهد على الولادة رجلان أو رجل وامرأتان في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يقع الطلاق إذا شهدت القابلة على الولادة وجه قولهما ان ولادتها قد ثبتت بشهادة القابلة لكون النكاح قائما والولادة تثبت بشهادة القابلة حال قيام النكاح في تعيين الولد وفيما هو من لوازمه وهو النسب لمكان الضرورة والطلاق ليس من لوازم الولادة فلا تثبت الولادة في حق الطلاق بهذه الشهادة ولو قال إن دخلت الدار فأنت طالق أو ان كلمت فلانا فأنت طالق فقالت دخلت أو كلمت لا يقع الطلاق ما لم يصدقها الزوج أو يشهد على ذلك رجلان أو رجل وامرأتان بالاجماع لان قولها دخلت أو كلمت اقرار على الغير وهو الزوج بابطال حقه فكان شهادة على الغير فلا تقبل ولو قال لامرأتيه إذا حضتما حيضة فأنتما طالقان أو قال إذا حضتما فأنتما طالقان الأصل في جنس هذه المسائل ان الزوج متى أضاف الشئ الواحد إلى امرأتين وجعل وجوده شرطا لوقوع الطلاق عليهما ينظر إن كان يستحيل وجود ذلك الشئ منهما كان شرطا لوقوع الطلاق عليهما وجوده من أحدهما وإن كان لا يستحيل وجوده منهما جميعا كان وجوده منهما شرطا لوقوع الطلاق عليهما لان كلام العاقل يجب تصحيحه ما أمكن ان أمكن تصحيحه بطريق الحقيقة يصحح بطريق الحقيقة وان لم يمكن تصحيحه بطريق الحقيقة يصحح بطريق المجاز إذا عرف هذا فنقول إذا قال لامرأتين له إذا حضتما حيضة فأنتما طالقان أو إذا ولدتما ولدا فأنتما طالقان فحاضت إحداهما أو ولدت إحداهما يقع الطلاق عليهما لان حيضة واحدة وولادة واحدة من امرأتين محال فلم ينصرف إليه كلام العاقل فينصرف إلى وجود ذلك من أحدهما لان إضافة الفعل إلى اثنين على إرادة وجوده من أحدهما متعارف بين أهل اللسان قال الله تعالى في قصة موسى وصاحبه فنسيا حوتهما وإنما نسيه صاحبه وهو فتاه وقال تعالى يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وإنما يخرج من أحدهما وهو البحر المالح دون العذب وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث وعمه إذا سافرتما فأذنا وأقيما ومعلوم ان الامر بالتأذين والإقامة كان لأحدهما فكان هذا تعليق طلاقهما بحيضة إحداهما وبولادة إحداهما ولو قالت إحداهما حضت ان صدقها الزوج طلقتا جميعا لان حيضتها في حقها ثبت باخبارها وفي حق صاحبتها ثبت بتصديق الزوج وان كذبها طلقت هي ولا تطلق صاحبتها لان حيضها ثبت في حقها ولم يثبت في حق صاحبتها ولو قالت كل واحدة منهما قد حضت طلقتا جميعا سواء صدقهما الزوج أو كذبهما أما إذا صدقهما فالامر ظاهر لا يثبت حيضة كل واحدة منها في حق صاحبتها وأما كذبهما فكذلك لان التكذيب يمنع ثبوت حيضة كل واحدة منهما في حق صاحبتها لا في حق نفسها وثبوت حيضتها في حق نفسها يكفي لوقوع الطلاق عليها كما إذا قال لها إذا حضت فأنت طالق وهذه معك فقالت حضت وكذبها الزوج ولو قال إذا حضتما فأنتما طالقان وإذا ولدتما فأنتما طالقان لا تطلقان ما لم يوجد الحيض والولادة منهما جميعا لأنه أضاف الحيض أو الولادة إليهما ويتصور من كل واحد منهما الحيض والولادة فيعلق الطلاق بوجود الحيض أو الولادة منهما جميعا عملا بالحقيقة عند الامكان ولو قالت كل
(١٣٠)