بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١١٧
دلالة لما ذكرنا ان جعل الامر بيدها تخيير لها بين ان تختار نفسها وبين أن تختار زوجها والتخيير ينافي اللزوم ومن صفته انه إذا خرج الامر من يدها لا يعود الامر إلى يدها بذلك الجعل أبدا وليس لها أن تختار الا مرة واحدة لان قوله أمرك بيدك لا يقتضى التكرار الا إذا قرن به ما يقتضى التكرار بأن قال أمرك بيدك كلما شئت فيصير الامر بيدها في ذلك وغيره ولها ان تطلق نفسها في كل مجلس تطليقة واحدة حتى تبين بثلاث لان كلمة كلما تقتضي تكرار الافعال قال الله تعالى كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها وقال كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله فيقتضى تكرار التمليك عند تكرار المشيئة الا أنها لا تملك أن تطلق نفسها في كل مجلس الا تطليقة واحدة لأنه يصير قائلا لها في كل مجلس أمرك بيدك فإذا اختارت فقد انتهى موجب ذلك التمليك ثم يتجدد لها الملك بتمليك آخر في مجلس آخر عند مشيئة أخرى إلى أن يستوفى ثلاث تطليقات فان بانت بثلاث تطليقات ثم تزوجت بزوج آخر وعادت إلى الزوج الأول فلا خيار لها لأنها إنما تملك تطليق نفسها بتمليك الزوج والزوج إنما ملكها ما كان يملك بنفسه وهو إنما كان يملك بنفسه طلقات ذلك الملك القائم لا طلقات ملك لم يوجد فما لا يملك بنفسه كيف يملكه غيره وان بانت بواحدة أو اثنتين ثم تزوجت بزوج آخر ثم عادت فلها أن تشاء الطلاق مرة بعد أخرى حتى تستوفى الثلاث في قول أبي حنيفة وأبى يوسف خلافا لمحمد وهو قول الشافعي بناء على أن الزوج الثاني يهدم ما دون الثلاث من التطليقات وقد ذكرنا المسألة فيما تقدم بخلاف ما إذا قال لها أمرك بيدك إذا شئت أو إذا ما شئت أو متى شئت أو متى ما شئت أن لها الخيار في المجلس أو غيره لكنها لا تملك أن تختار الا مرة واحدة فإذا اختارت مرة لا يتكرر لها الخيار في ذلك لان إذا ومتى لا تفيد التكرار وإنما تفيد مطلق الوقت كأنه قال لها اختياري في أي وقت شئت فكان لها الخيار في المجلس وغيره لكن مرة واحدة فإذا اختارت مرة واحدة انتهى موجب التفويض بخلاف الفصل الأول لان كلما يقتضى تكرار الافعال فيتكرر التفويض عند تكرار المشيئة والله أعلم وأما بيان ما يصلح جواب جعل الامر باليد من الألفاظ وما لا يصلح وبيان حكمه إذا وجد فالأصل فيه أن كل ما يصلح من الألفاظ طلاقا من الزوج يصلح جوابا من المرأة وما لا فلا الا في لفظ الاختيار خاصة فإنه لا يصلح طلاقا من الزوج ويصلح جوابا من المرأة في الجملة بخلاف الأصل لان التفويض من الزوج تمليك الطلاق منها فما يملكه بنفسه يملك تمليكه من غيره وما لا فلا هو الأصل إذا عرف هذا فنقول إذا قالت طلقت نفسي أو أبنت نفسي أو حرمت نفسي يكون جوابا لان الزوج لو أتى بهذه الألفاظ كان طلاقا وكذا إذا قالت أنا منك بائن أو أنا عليك حرام لان الزوج لو قال لها أنت مني بائن أو أنت على حرام كان طلاقا وكذا إذا قالت لزوجها أنت منى بائن أو أنت على حرام لان الزوج لو قال لها ذلك كان طلاقا ولو قالت أنا بائن ولم تقل منك أو قالت أنا حرام ولم تقل عليك فهو جواب لان الزوج لو قال لها أنت بائن أو أنت حرام ولم يقل منى وعلى كان طلاقا ولو قالت لزوجها أنت بائن ولم تقل منى أو قالت لزوجها أنت حرام ولم تقل على فهو باطل لان الزوج لو قال لها أنا بائن أو أنا حرام لم يكن طلاقا ولو قالت أنا منك طالق فهو جواب لأنه لو قال لها أنت طالق منى كان طلاقا وكذا لو قالت لزوجها أنا طالق ولم تقل منك لان الزوج لو قال أنت طالق ولم يقل منى كان طلاقا ولو قالت لزوجها أنت مني طالق لم يكن جوابا لان الزوج لو قال لها أنا منك طالق لم يكن طلاقا عندنا خلافا للشافعي ولو قالت اخترت نفسي كان جوابا وان لم يكن هذا اللفظ من الزوج طلاقا وانه حكم ثبت شرعا بخلاف القياس بالنص واجماع الصحابة رضي الله عنهم على ما نذكر إن شاء الله تعالى وأما الواقع بهذه الألفاظ التي تصلح جوابا فطلاق واحد بائن عندنا إن كان التفويض مطلقا عن قرينة الطلاق بان قال لها أمرك بيدك ولم ينو الثلاث اما وقوع الطلقة الواحدة فلانه ليس في التفويض ما ينبئ عن العدد وأما كونها بائنة فلأن هذه الألفاظ جواب الكناية والكنايات على أصلنا منبيات ولان قوله أمرك بيدك جعل أمرها نفسها بيدها فتصير عند اختيارها نفسها مالكة نفسها وإنما تصير مالكة نفسها بالبائن لا بالرجعي وان قرن به ذكر الطلاق بان قال أمرك بيدك في تطليقة فاختارت نفسها فهي واحدة تملك الرجعة لأنه فوض إليها الصريح حيث
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248