ترك النكاح استبقاء النكاح فكيف يكون طلاقا ولو اختارت نفسها قال بعضهم هي واحدة بائنة وهو احدى الروايتين عن علي وقال بعضهم هي واحدة رجعية وقال زيد بن ثابت رضي الله عنه إذا اختارت نفسها فهو ثلاث والترجيح لقول من يقول يقع بائنا رجعيا ولا ثلاثا أما وقوع البائن فلان الزوج خيرها بين ان تختار نفسها لنفسها وبين ان تختار نفسها لزوجها فإذا اختارت نفسها لنفسها لو كان الواقع رجعيا لم يكن اختيارها نفسها لنفسها بل لزوجها إذ لزوجها ان يراجعها شاءت أو أبت وأما عدم وقوع الثلاث وان وجدت نية الثلاث في التخيير فلما ذكرنا ان القياس لا يقع بالاختيار شئ لأنه ليس من ألفاظ الطلاق وإنما جعل طلاق بالشرع ضرورة صحة التخيير وحق الضرورة يصير مقضيا بالواحدة البائنة وإن كان التفويض مقرونا بذكر الطلاق بان قال لها اختاري الطلاق فقالت اخترت الطلاق فهي واحدة رجعية لأنه لما صرح بالطلاق فقد خيرها بين نفسها بتطليقة رجعية وبين رد التطليقة كما في قوله أمرك بيدك فان ذكر الثلاث في التخيير بان قال لها اختاري ثلاثا فقالت اخترت يقع الثلاث لان التنصيص على الثلاث دليل إرادة اختيار الطلاق لأنه هو الذي يتعدد فقولها اخترت ينصرف إليه فيقع الثلاث ولو كرر التخيير بان قال لها اختاري اختاري ونوى بكل واحدة منهما الطلاق فقالت اخترت يقع ثنتان لان كل واحدة منهما تخيير تام بنفسه لوجود ركنه وشرطه وهو النية والثاني لا يصلح تفسير الأول لان الشئ لا يفسر بنفسه ولا يصلح جوابا أيضا ولا علة ولا حكما للأول فيكون كلاما مبتدأ والتكرار دليل إرادة الطلاق فقولها اخترت يكون جوابا لهما جميعا والواقع بكل واحد منهما طلاق بائن فيقع تطليقتان بائنتان وكذلك إذا ذكر الثاني بحرف الصلة بان قال لها اختاري واختاري أو قال اختاري فاختاري لان الواو والفاء من حروف العطف الا ان الفاء قد تذكر في موضع العلة وقد تذكر في موضع الحكم كما يقال ابشر فقد أتاك الغوث ويقال قد أتاك الغوث فأبشر لكن ههنا لا تصلح علة ولا حكما فتكون للعطف والمعطوف غير المعطوف عليه هو الأصل ولو قال لها اختاري اختاري اختاري أو قال اختاري واختاري واختاري أو قال اختاري فاختاري فاختاري فقالت اخترت فهي ثلاث لما قلنا ولو قال لها اختاري اختاري اختاري فقال اخترت الأولى أو الوسطى أو الأخيرة فهو ثلاث في قول أبي حنيفة وعندهما يقع واحدة وجه قولها انها ما أوقعت الا واحدة فلا يقع الا واحدة لان الوقوع باختيارها ولم يوجد منها الا اختيار واحدة فلا يقع به الزيادة على الواحدة كما لو قال لها اختاري ثلاثا فقالت اخترت واحدة ولأبي حنيفة ان الزوج ملكها الثلاث جملة والثلاث جملة ليس فيها أولى ولا وسطى ولا أخيرة فقولها اخترت الأولى أو الوسطى أو الأخيرة يكون لغوا فيبطل تعيينها ويبقى قوله اخترت وانه يصلح جواب الكل وعلى هذا الخلاف إذا قال لها اختاري واختاري واختاري أو قال لها اختاري فاختاري فاختاري فقالت اخترت الأولى أو الوسطى أو الأخيرة ولو قال لها اختاري اختاري اختاري أو ذكر التخييرين بحرف الواو أو بحرف الفاء فقالت قد اخترت اختيارة فهو ثلاث في قولهم جميعا لان معناه اخترت الكل مرة فيقع الثلاث وان لم يوجد ذكر النفس من الجانبين جميعا لما ذكرنا ان التكرار من الزوج دليل إرادة اختيار الطلاق وكذا إذا قالت اخترت الاختيارة أو قالت اخترت مرة أو بمرة أو دفعة أو بدفعة أو بواحدة فهو ثلاث لما قلنا ولو قالت قد طلقت نفسي واحدة أو اخترت نفسي بتطليقة فهي واحدة بائنة لما ذكرنا في الامر باليد ولو قال لها اختاري اختاري اختاري بألف درهم فقالت اخترت الأولى أو الوسطى أو الأخيرة فهو ثلاث وعليها ألف درهم في قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد لا يقع الا واحدة غير أنها ان اختارت نفسها بالأخيرة كانت تطليقة واحدة وعليها ألف درهم وان اختارت نفسها بالأولى أو بالوسطى كانت واحدة ولا شئ عليها والأصل عند أبي حنيفة ان تعيين الأولى أو الوسطى أو الأخيرة لغو لأنه ملكها الثلاث جملة والثلاث المملكة جملة ليس لها أولى ولا وسطى ولا أخيرة فكان التعيين ههنا لغوا فبطل التعيين وبقى قولها اخترت ولو قالت اخترت طلقت ثلاثا وعليها الألف كذا
(١٢٠)