بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٠٨
الطلاق في يدك لا يصدق في القضاء ويقع الطلاق لان الهبة تقتضي زوال ملكه عن الطلاق وذلك بوقوع الطلاق وجعل الطلاق في يدها تمليك الطلاق إياها فلا يحتمله اللفظ الموضوع للإزالة وروى عن أبي حنيفة رواية أخرى انه لا يقع به شئ لان الهبة تمليك وتمليك الطلاق إياها هو ان يجعل إليها ايقاعه ويحتمل قوله وهبت لك طلاقك أي أعرضت عن ايقاعه فلا يقع به شئ ولو أراد أن يطلقها فقالت له هب لي طلاقي تريد أعرض عنه فقال قد وهبت لك طلاقك يصدق في القضاء لأن الظاهر أنه أراد به ترك الايقاع لان السؤال وقع به فينصرف الجواب إليه ولو قال تركت طلاقك أو خليت سبيل طلاقك وهو يريد الطلاق وقع لان ترك الطلاق وتخلية سبيله قد يكون بالاعراض عنه وقد يكون باخراجه عن ملكه وذلك بايقاعه فكان اللفظ محتملا للطلاق وغيره فتصح نيته ولو قال أعرضت عن طلاقك أو صفحت عن طلاقك ونوى الطلاق لم تطلق لان الاعراض عن الطلاق يقتضى ترك التصرف فيه والصفح هو الاعراض فلا يحتمل الطلاق ولا تصح نيته وكذا كل لفظ لا يحتمل الطلاق لا يقع به الطلاق وان نوى مثل قوله بارك الله عليك أو قال لها أطعميني أو اسقيني ونحو ذلك ولو جمع بين ما يصلح للطلاق وبين ما لا يصلح له بان قال لها اذهبي وكلي أو قال اذهبي وبيعي الثوب ونوى الطلاق بقوله اذهبي ذكر في اختلاف زفر ويعقوب ان في قول أبى يوسف لا يكون طلاقا وفي قوله زفر يكون طلاقا وجه قول زفر انه ذكر لفظين أحدهما يحتمل الطلاق والاخر لا يحتمله فيلغو ما لا يحتمله ويصح ما يحتمله ولأبي يوسف ان قوله اذهبي مقرونا بقوله كلى أو بيعي لا يحتمل الطلاق لان معناه اذهبي لتأكلي الطعام واذهبي لتبيعي الثوب والذهاب للاكل والبيع لا يحتمل الطلاق فلا تعمل نيته ولو نوى في شئ من الكنايات التي هي بوائن أن يكون ثلاثا مثل قوله أنت بائن أو أنت على حرام أو غير ذلك يكون ثلاثا الا في قوله اختاري لان البينونة نوعان غليظة وخفيفة فالخفيفة هي التي تحل له المرأة بعد بينونتها بنكاح جديد بدون التزوج بزوج آخر والغليظ ما لا تحل له الا بنكاح جديد بعد التزوج بزوج آخر فإذا نوى الثلاث فقد نوى ما يحتمله لفظه والدليل عليه ما روى أن ركانة بن زيد أو زيد بن ركانة طلق امرأته البتة فاستحلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أردت ثلاثا فلو لم يكن اللفظ محتملا للثلاث لم يكن للاستحلاف معنى وكذا قوله أنت على حرام يحتمل الحرمة الغليظة والخفيفة فإذا نوى الثلاث فقد نوى احدى نوعي الحرمة فتصح نيته وان نوى ثنتين كانت واحدة في قول أصحابنا الثلاثة وقال زفر يقع ما نوى وجه قوله إن الحرمة والبينونة أنواع ثلاثة خفيفة وغليظة ومتوسطة بينهما ولو نوى أحد النوعين صحت نيته فكذا إذا نوى الثلاث لان اللفظ يحتمل الكل على وجه واحد (ولنا) ان قوله بائن أو حرام اسم للذات والذات واحدة فلا تحتمل العدد وإنما احتمل الثلاث من حيث التوحد على ما بينا في صريح الطلاق ولا توحد في الاثنين أصلا بل هو عدد محض فلا يحتمله الاسم الموضوع للواحد مع ما ان الحاصل بالثنتين والحاصل بالواحدة سواء لان أثرهما في البينونة والحرمة سواء ألا ترى انها تحل في كل واحدة منهما بنكاح جديد من غير التزوج بزوج آخر فكان الثابت بهما بينونة خفيفة وحرمة خفيفة كالثابت بالواحد فلا يكون ههنا قسم ثالث في المعنى وعلى هذا قال أصحابنا انه إذا قال لزوجته الأمة أنت بائن أو حرام ينوى الثنتين يقع ما نوى لان الاثنتين في الأمة كل جنس الطلاق في حقها فكان الثنتان في حق الأمة كالثلاث في حق الحرة وقالوا لو طلق زوجته الحرة واحدة ثم قال لها أنت بائن أو حرام ينوى اثنتين كانت واحدة لان الاثنتين بأنفسهما ليسا كل جنس طلاق الحرة بدون الطلقة المتقدمة ألا ترى انها لا تبين فالاثنتين بينونة غليظة بدونها ولو نوى بقوله اعتدى واستبري رحمك وأنت واحدة ثلاثا لم تصح لأن هذه الألفاظ في حكم الصريح ألا ترى أن الواقع بها رجعية فصار كأنه قال أنت طالق ونوى به الثلاث ولان قوله أنت واحدة لا يحتمل أن يفسر بالثلاث فلا يحتمل نية الثلاث وكذا قوله اعتدى واستبري رحمك لان الواقع بكل واحدة منهما رجعي فصار كقوله أنت واحدة وكذا لو نوى بها اثنتين لا يصح لما قلنا بل أولى لان الاثنتين عدد محض والله أعلم
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248