الله عز وجل شرط وجزاء ومشيئتها ليست بشرط لان شرط الطلاق ما جعل علما على الطلاق وهو ما يكون دليلا على الطلاق من غير أن يكون وجود الطلاق به لان ذلك يكون علة لا شرطا ومشيئتها يتعلق بها وجود الطلاق بل هي تطليق منها وكذلك مشيئته بان قال لها أنت طالق ان شئت انا ألا ترى إذا قال لامرأته شئت طلاقك طلقت كما إذا قال طلقت فان قيل أليس انه إذا قال لامرأته أنت طالق ان طلقتك كان تعليقا للطلاق بشرط التطليق حتى لو طلقها يقع المنجز ثم ينزل المعلق والتعليق مما يحصل به الطلاق ومع هذا يصلح شرطا فالجواب ان التنجيز يحصل به الطلاق المنجز لا الطلاق المعلق بل الطلاق المعلق يحصل بغيره فكان التنجيز في حق الطلاق المعلق علما محضا فكان شرطا وكذلك إذا قال لها أنت طالق ان هويت أو أردت أو أحببت أو رضيت فهو مثل قوله إن شئت ويتعلق الطلاق بالخبر عن هذه الأشياء الا بحقائقها والأصل انه متى علق الطلاق بشئ لا يوقف عليه الا من جهتها يتعلق باخبارها عنه ومتى علق بشئ يوقف عليه من جهة غيرها لا يقبل قولها الا ببينة وعلى هذا مسائل إذا قال لها ان كنت تحبينني أو تبغضيني فأنت طالق فقالت أحب أو أبغض يقع الطلاق استحسانا والقياس أن لا يقع وجه القياس انه علق الطلاق بشرط لا يعلم وجوده فأشبه التعليق بمشيئة الله تعالى وجه الاستحسان انه علقه بأمر لا يوقف عليه الا من جهتها فيتعلق باخبارها عنه كأنه قال لها ان أخبرتيني عن محبتك أو بغضك إياي فأنت طالق ولو نص على ذلك لتعلق بنفس الاخبار كذا هذا وعلى هذا إذا قال لها ان كنت تحبين ان يعذبك الله بالنار أو ان كنت تكرهين الجنة فأنت طالق فقالت أحب النار أو أكره الجنة وقع الطلاق لما قلنا ولو قال إن كنت تحبيني بقلبك فأنت طالق فقالت أحبك بقلبي وفي قلبها غير ذلك يقع الطلاق في قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يقع وجه قوله إنه لما قيد المحبة بالقلب فقد علق الطلاق بحقيقة المحبة لا بالخبر عنها فإذا لم يكن في قلبها محبة لم يوجد الشرط فلا يقع الطلاق ولهما ان المحبة والكراهة لما كانتا من الأمور الباطنة التي لا يوقف عليها الا من جهتها تعلق الطلاق بنفس الاخبار عنهما دون الحقيقة وقد وجد وعلى هذا إذا قال لها ان حضت فأنت طالق فقالت حضت طلقت حين رأت الدم واستمر إلى ثلاثة أيام لان الحيض لا يوقف عليه الا من قبلها فيقبل قولها في ذلك وإذا استمر الدم إلى ثلاثة أيام تبين ان ما رأت كان حيضا من حين وجوده فوقع الطلاق من ذلك الوقت ولو قال لها ان حضت حيضة فأنت طالق لا يقع الطلاق ما لم تحض وتطهر لان الحيضة اسم للكامل ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم في سبايا أوطاس الا لا توطأ الحبالى حتى يضعن ولا الحيالى حتى يستبرأن بحيضة ويقع على الكامل حتى يقدر الاستبراء به وكما لها بانقضائها من ذلك باتصال جزء من الطهر بها فكان هذا في الحقائق تعليق الطلاق بالطهر ونظيره إذا قال إذا صمت يوما فأنت طالق وقع على صوم كل اليوم وذلك بدخول أول جزء من الليل فكأنه علق الطلاق بدخول الليل وكذا هذا وكذا إذا قال إن حضت نصف حيضة فأنت طالق لا تطلق ما لم تحض وتطهر لان نصف حيضة حيضة كاملة فكأنه قال إذا حضت حيضة وكذا إذا قال إذا حضت سدس حيضة أو ثلث حيضة لما قلنا وكذلك إذا قال إذا حضت نصف حيضة فأنت طالق وإذا حضت نصفها الآخر فأنت طالق لا يقع الطلاق ما لم تحض وتطهر فإذا حاضت وطهرت يقع تطليقتان لأنه علق طلقة بنصف حيضة نصف حيضة كاملة وعلق طلقة أخرى بنصف تلك الحيضة بعينها وهي حيضة كاملة فكان هذا تعليق طلاقين بحيضة واحدة كاملة وكمالها بانقضائها واتصال الطهر بها وإذا اتصل بها الطهر طلقت تطليقتين ولو قال لها أنت طالق في حيضك أو مع حيضك فحين ما رأت الدم تطلق بشرط أن يستمر بها الدم إلى ثلاثة أيام لان كلمة في للظرف والحيض لا يصلح ظرفا للطلاق فيجعل شرطا فصار كأنه قال أنت طالق إذا حضت وكلمة مع للمقارنة فيقتضي كونه الطلاق مقارنا لحيضها فإذا رأت الدم ثلاثة أيام تبين ان المرئي كان حيضا من حين وجوده فيقع الطلاق من ذلك الوقت ولو قال لها أنت طالق في حيضك أو مع حيضتك فما لم تحض وتطهر لا تطلق لان الحيضة اسم للكامل وذلك باتصال الطهر ولو كانت حائضا في هذه الفصول كلها لا يقع ما لم تطهر من
(١٢٩)