كتاب قسم الفئ والغنيمة القسم بفتح القاف مصدر بمعنى القسمة، والفئ مصدر فاء إذا رجع ثم استعمل في المال الراجع من الكفار إلينا والغنيمة فعيلة، بمعنى مفعولة من الغنم وهو الربح والمشهور، تغايرهما كما يؤخذ من العطف. وقيل كل منهما يطلق على الآخر إذا أفرد فإن جمع بينهما افترقا كالفقير والمسكين. وقيل الفئ يطلق على الغنيمة دون العكس، والأصل في الباب آية: * (ما أفاء الله على رسوله) *.
ولم تحل الغنائم لاحد قبل الاسلام بل كانت الأنبياء إذا غنموا مالا جمعوه، فتأتي نار من السماء، تأخذه ثم أحلت للنبي (صلى الله عليه وسلم). وكانت في صدر الاسلام له خاصة لأنه كالمقاتلين كلهم نصرة وشجاعة، بل أعظم ثم نسخ ذلك واستقر الامر على ما يأتي (الفئ نحو مال)، ككلب ينفع فهو أعم من قوله مال (حصل) لنا (من كفار) مما هو لهم (بلا إيجاف) أي إسراع خيل أو إبل أو بغال أو سفن أو رجالة أو نحوها، فهو أولى من قوله إيجاف خيل وركاب لما عرف ولدفع إيراد أن المأخوذ من دارهم سرقة أو لقطة غنيمة لا فئ. مع أن كلامه يقتضي أنه فئ فتأمل. لكن قد يرد ما أهداه الكافر لنا في غير الحرب، فإنه ليس بفئ، كما أنه ليس بغنيمة مع صدق تعريف الفئ عليه (كجزية وعشر تجارة وما جلوا) أي تفرقوا، (عنه)، ولو لغير خوف كضرر أصابهم، وإن أوهم كلام الأصل خلافه (تركة مرتد وكافر معصوم) هو أعم من قوله ذمي، (لا وارث له). وكذا الفاضل عن وارث له غير حائز، (فيخمس) خمسة أخماس. للآية السابقة وإن لم يكن فيها تخميس فإنه مذكور في آية الغنيمة فحمل المطلق على المقيد. وكان (صلى الله عليه وسلم) يقسم له أربعة أخماسه وخمس خمسه، ولكل من الأربعة المذكورين معه في الآية خمس خمس. وأما بعده فيصرف ما كان له من خمس الخمس لمصالحنا، ومن الأخماس الأربعة للمرتزقة كما تضمنه قولي (وخمسه) أي الفئ لخمسة (لمصالحنا) دون مصالحهم، (كثغور) أي سدها. (وقضاة وعلماء) بعلوم تتعلق بمصالحنا، كتفسير وقراءة. والمراد بالقضاة غير قضاة العسكر، أما قضاته وهم الذين يحكمون لأهل الفئ في مغزاهم فيرزقون من الأخماس الأربعة لا من خمس الخمس. كما قاله الماوردي وغيره (يقدم)