كتاب الوديعة تقال على الايداع وعلى العين المودعة من ودع الشئ يدع إذا سكن لأنها ساكنة عند الوديع، وقيل من قولهم فلان في دعة، أي راحة لأنها في راحة الوديع ومراعاته. والأصل فيها قوله تعالى: * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) *. وخبر أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك رواه الترمذي. وقال حسن غريب والحاكم. وقال على شرط مسلم، ولان بالناس حاجة بل ضرورة إليها (أركانها) أي الوديعة بمعنى الايداع أربعة. (وديعة) بمعنى العين المودعة (وصيغة ومودع ووديع، وشرط فيهما) أي في المودع والوديع (ما) مر (في موكل ووكيل)، لان الايداع استنابة في الحفظ. (فلو أودعه نحو صبي) كمجنون ومحجور سفه (ضمن) ما أخذه منه، لأنه وضع يده عليه بغير إذن معتبر. ولا يزول الضمان إلا بالرد إلى ولي أمره نعم إن أخذه منه حسبة خوفا على تلفه في يده أو أتلفه مودعه لم يضمنه. (وفي عكسه) بأن أودع شخص نحو صبي (إنما يضمن بإتلاف) منه لأنه لم يسلطه على إتلافه، فلا يضمنه بتلفه عنده إذ لا يلزم الحفظ. وظاهر أن ضمان المتلف إنما يكون في متمول، (و) شرط (في الوديعة كونها محترمة) ولو نجسا ككلب ينفع، ونحو حبة بر بخلاف غير المحترمة ككلب لا ينفع، وآلة لهو، وهذا من زيادتي. (و) شرط (في الصيغة ما) مر (في وكالة) فيشترط اللفظ من جانب المودع وعدم الرد من جانب الوديع، فيكفي قبضه. ولا يكفي الوضع بين يديه مع السكوت، نعم لو قال الوديع أودعنيه مثلا، فدفعه له ساكتا فيشبه أن يكفي ذلك كالعارية. وعليه فالشرط اللفظ من أحدهما نبه عليه الزركشي. والايجاب إما صريح (كأودعتك هذا أو استحفظتكه أو) كناية مع النية، (كخذه فان عجز) من يراد الايداع عنده (عن حفظها) أي الوديعة، (حرم) عليه (أخذها) لأنه يعرضها للتلف. (أو) قدر عليه و (لم يثق بأمانته) فيها (كره) له أخذها خشية الخيانة فيها. قال ابن الرفعة إلا أن يعلم بحاله المالك فلا يحرم ولا يكره والايداع صحيح، والوديعة أمانة. وإن قلنا بالتحريم وأثر التحريم مقصور على الاثم، (وإلا) بأن قدر على حفظها ووثق بأمانته فيها.
(٣٥)