بدء تعلمه: ولما ترعرع أرسلته أمه إلى الكتاب ولما لم يكن في طاقة أهله القيام بنفقات تعليمه أهمله المعلم وانصرف عنه إن المعلم والطبيب كلاهما * لا ينصحان إذا هما لم يكرما إلا أن هذا التقصير من المعلم كان سببا في نبوغ الصبي لأنه اجتهد أن يكون دائما وقت الدرس قريبا من المعلم وكان يستوعب بحافظته النادرة جميع ما يحفظه المعلم للصبيان حتى إذا ذهب المعلم لقضاء حاجة أخذ الشافعي يحفظ التلاميذ ما حفظه من المعلم، وبهذه الوسيلة قويت حافظة الإمام الشافعي تدريجيا، فأحبه التلاميذ والتفوا حوله ورفعوا مكانته وصاروا طوع أمره.
ولما رأى المعلم من الشافعي هذه الحال وانه يجنى من ورائه أضعاف ما كان يطمع فيه من الاجر، صرف عنه المطالبة بالمصروفات واعتبره في كتابه مجانا.
ولما بلغ الشافعي من العمر سبع أو تسع سنوات كان قد أتم القرآن الكريم كله. فرأى أنه لا فائدة من بقائه في الكتاب فتركه ودخل المسجد الحرام وأقبل على علوم اللغة ودراستها أياما فبرع فيها كلها.
وبرع في لهجات العرب بسبب تلقيه اللغة عن شتى قبائل البادية فلما حصل له من ذلك الحظ الأوفر قيل له: لو ضممت إلى ذلك، الفقه وعلوم القرآن والحديث؟! فانصرف إليها.
شيوخه بمكة: دخل المسجد الحرام وصار يجالس العلماء ويحفظ الحديث وعلوم القرآن، فقرأ القرآن على إسماعيل بن قسطنطين وقرأ الحديث على سفيان بن عيينة، ومسلم بن خالد الزنجي، وسعيد بن سالم القداح، وداود بن عبد الرحمن العطار، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد.
شيوخه بالمدينة: وتلقى العلم بالسنة في المدينة على الامام مالك بن أنس، وإبراهيم بن سعد الأنصاري وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وإبراهيم بن أبي يحيى الأسامي، ومحمد بن سعيد بن أبي فديك، وعبد الله بن نافع الصائغ.
شيوخ باليمن: وسمع الحديث والفقه في اليمن، من مطرف بن مازن، وهشام بن يوسف قاضي " صنعاء " وعمرو بن أبي سلمة صاحب الأوزاعي، ويحيى بن حسان صاحب الليث بن سد شيوخه بالعراق: وسمع الحديث والفقه وعلو القرآن في العراق من وكيع بن الجراح، وأبو أسامة حماد بن أسامة الكوفيان، وإسماعيل بن علية، وعبد الوهاب بن عبد المجيد البصريان.
فيكون عدد شيوخه على هذا تسعة عشرة، خمسة من مكة، وستة من المدينة وأربعة من اليمن، وأربعة من العراق. هذا ما أفاده الرازي في مناقب الإمام الشافعي.
تلاميذه: نبغ على الشافعي كثير من الناس، في مقدمتهم أبو عبد الله أحمد بن حنبل، والحسن ابن محمد الصباح الزعفراني، والحسين الكرابيسي، وأبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، وأبو إبراهيم إسماعيل ابن يحيى المزني، وأبو محمد الربيع بن سليمان المرادي، والربيع بن سليمان الجيزي، وأبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي، وأبو حفص حرملة بن يحيى بن عبد الله التجيبي، وأبو يوسف يونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن عبد الله ابن عبد الحكم المصري، وعبد الله بن الزبير الحميدي.
رحلاته العلمية: كانت الرحلة على ما فيها من المشاق في سبيل تلقي العلم ديدن العلماء، حيث يكون التلاقي بين رواد العلم والعلماء ويحصل التبحر في العلم. فلذا نرى الإمام الشافعي