الامام جهرا كما في الصبح وهكذا في العيد والاستسقاء وخسوف القمر وإنما يتوقف في الجواب في الجمعة بذلك لأنها لا تسوغ للمنفرد وهذا قد صار منفردا بخلاف الصبح نحوها ولم تشرع للمنفرد وهذا التوقف ليس بمعتبر من أن حكم الجمعة ثابت له وانفراده بهذه الحالة لا يصيرها ظهرا وقد نص في الام في صلاة الخوف في ترجمة تقدم الامام في صلاة الخوف على شئ يدل على أن المسبوق يجهر في الركعة الثانية فقال في أواخر الترجمة المذكورة وإن كان خوف يوم الجمعة وكان محروسا إذا خطب بطائفة وحضرت معه طائفة الخطبة ثم صلى بالطائفة التي حضرت الخطبة ركعة وثبت قائما فأتموا لأنفسهم بقراءة يجهرون فيها ثم وقفوا بإزاء العدو وجاءت الطائفة التي لم تصل فصلت معه الركعة التي بقيت عليه من الجمعة وثبت جالسا فأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم فقد صرح الشافعي بأن الطائفة الأولى تتم لانفسها الركعة الباقية بقراءة يجهرون فيها وقد صرح بذلك القاضي أبو الطيب في تعليقه فقال يصلون لأنفسهم ركعة يجهرون فيها بالقراءة لان حكم المنفرد في الصلاة التي يجهر فيها بالقراءة كحكم الامام في الركعة الثانية ولم يتعرض الشافعي لجهر الفرقة الثانية في الركعة الثانية لأنها في حكم قدوة ومن كان مقتديا فإنه يسر وبذلك صرح القاضي أبو الطيب وغيره فإن قيل: إنما جهرت الفرقة الأولى من الركعة الثانية لبقاء حكم الجمعة بالنسبة إلى الامام بخلاف المسبوق قلنا هذا تخيل له وجه ولكن الأرجح أنه لا فرق لأنهم منفردون في هذه الحالة كالمسبوق وقد نقل هذا النص عن الام الشيخ أبو حامد وغيره ولم يتعرضوا للجهر الذي ذكرناه وتعرض له ابن الصباغ في الشامل بعد نقل النص المذكور * وفي اختلاف العراقيين في أول باب الصلاة وإذا أتى الرجل إلى الامام في أيام التشريق وقد سبقه بركعة فسلم الامام عند فراغه فإن أبا حنيفة كان يقول يقوم الرجل فيقضى ولا يكبر معه لان التكبير ليس من الصلاة إنما هو بعدها وبه يأخذ (يعنى أبا يوسف) وكان ابن أبي ليلى يقول يكبر ثم يقوم فيقضى (قال الشافعي) وإذا سبق الرجل بشئ من الصلاة في أيام التشريق فسلم الامام فكبر لم يكبر المسبوق بشئ من الصلاة وقضى الذي عليه فإذا سلم كبر وذلك أن التكبير أيام التشريق ليس من الصلاة إنما هو ذكر بعدها وإنما يتبع الامام فيما كان من الصلاة وهذا ليس من الصلاة.
باب صلاة المسافر (1) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى قال الله عز وجل " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " الآية، قال فكان بينا في كتاب الله تعالى أن قصر الصلاة في الضرب في الأرض والخوف تخفيف من الله عز وجل عن خلقه لا أن فرضا عليهم أن يقصروا كما كان قوله " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة " رخصة لا أن حتما عليهم أن يطلقوهن في هذه الحال وكما كان قوله " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " يريد والله تعالى أعلم أن تتجروا في الحج لا أن حتما عليهم أن يتجروا وكما كان قوله " فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن " وكما كان قوله " ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم " الآية لا إن