بعد الصلاة لاحد بحال وإذا تبايع المأموران بالجمعة في الوقت المنهى فيه عن البيع لم يبن لي أن أفسخ البيع بينهما لان معقولا أن النهى عن البيع في ذلك الوقت إنما هو لاتيان الصلاة لا أن البيع يحرم بنفسه وإنما يفسخ البيع المحرم لنفسه، ألا ترى لو أن رجلا ذكر صلاة ولم يبق عليه من وقتها إلا ما يأتي بأقل ما يجزئه منها فبايع فيه كان عاصيا بالتشاغل بالبيع عن الصلاة حتى يذهب وقتها ولم تكن معصية التشاغل عنها تفسد بيعه والله تعالى أعلم.
التبكير إلى الجمعة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم الجمعة كان على كل من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على منازلهم الأول فالأول فإذا خرج الامام طويت الصحف واستمعوا الخطبة، والمهجر إلى الصلاة كالمهدى بدنة ثم الذي يليه كالمهدى بقرة، ثم الذي يليه كالمهدى كبشا، حتى ذكر الدجاجة والبيضة (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن سمى عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الامام حضرت الملائكة يستمعون الذكر) (قال الشافعي) وأحب لكل من وجبت عليه الجمعة أن يبكر إلى الجمعة جهده فكلما قدم التبكير كان أفضل ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولان العلم يحيط أن من زاد في التقرب إلى الله تعالى كان أفضل (قال الشافعي) فإن قال قائل: إنهم مأمورون إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة بأن يسعوا إلى ذكر الله فإنما أمروا بالفرض عليهم وأمرهم بالفرض عليهم لا يمنع فضلا قدموه عن نافلة لهم.
المشي إلى الجمعة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله " (قال الشافعي) أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال ما سمعت عمر قط يقرؤها إلا " فامضوا إلى ذكر الله " (قال الشافعي ومعقول أن السعي في هذا الموضع العمل قال الله عز وجل " إن سعيكم لشتى " وقال " وان ليس للانسان إلا ما سعى " وقال عز ذكره " وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها " (قال الشافعي) قال زهير:
سعى بعهدهم قوم لكي يدركوهم * فلم يفعلوا ولم يليموا ولم يألوا (وزادني بعض أصحابنا في هذا البيت):
وما يك من خير أتوه فإنما * توارثه آباء آبائهم قبل وهل يحمل الخطى إلا وشيجه * وتغرس إلا في منابتها النخل (قال الشافعي) أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن جابر بن عتيك