لأنفسهم فحمل عليهم عدو أو حدث لهم حرب فحملوا على العدو منحرفين عن القبلة بأبدانهم ثم أمنوا العدو بعد فقد قطعوا صلاتهم وعليهم استئنافها وكذلك لو فزعوا فانحرفوا عن القبلة لغير قتال ولا خروج من الصلاة وهم ذاكرون لأنهم في صلاة حتى يستدبروا القبلة استأنفوا (قال الشافعي) ولو حملوا عليهم مواجهي القبلة قدر خطوة فأكثر كان قطعا للصلاة بنية القتال فيها وعمل الخطوة (قال الشافعي) وكذلك لو حمل العدو عليهم فتهيؤوا بسلاح أو بترس أو ما أشبهه كان قطعا للصلاة بالنية مع العمل في دفع العدو ولو حمل عليهم فخافوا فنووا الثبوت في الصلاة وأن لا يقاتلوا حتى يكملوا أو يغشوا أو تهيؤوا بالشئ الخفيف لم يكن هذا قطعا للصلاة لأنهم لم يحدثوا نية لقتال مع التهيؤ، والتهيؤ خفيف يجوز في الصلاة ولا يكون قطعا لها وإنما نووا إن كان قتال أن يحدثوا قتالا لا أن قتالا حضر ولا خافوه فنووه مكانهم وعملوا مع نيته شيئا (قال الشافعي) ولو أن عدوا حضر فتكلم أحدهم بحضوره وهو ذاكر لأنه في صلاة كان قاطعا لصلاته وإن كان ناسيا للصلاة فله أن يبنى ويسجد للسهو (قال الشافعي) وإذا أحدثوا عند حادث أو غيره نية قطع الصلاة أو نية القتال مكانهم كانوا قاطعين للصلاة فأما أن يكونوا على نية الصلاة ثم ينوون أن حدث إطلال عدو أن يقاتلوه فلا يحدث إطلاله فلا يكون هذا قطعا للصلاة (قال الشافعي) وأيهم أحدث شيئا مما وصفته يقطع الصلاة دون غيره كان قاطعا للصلاة دون من لم يحدثه فإن أحدث ذلك الامام فسدت عليه صلاته من ائتم به بعدما أحدث وهو عالم بما أحدث ولم تفسد صلاة من أئتم به وهو لا يعلم ما أحدث (قال الشافعي) ولو قدموا إماما غيره فصلى بهم أجزأهم إن شاء الله تعالى، وأن يصلوا فرادى أحب إلى، وكذلك هو أحب إلى في كل ما أحدثه الامام (قال الشافعي) وصلاة الخوف الذي هو أشد من هذا، رجالا وركبانا، موضوع في غير هذا الموضع مخالف لهذه الصلاة في بعض أمره.
إذا كان العدو وجاه القبلة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا الثقة عن منصور بن المعتمر عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بعسفان وعلى المشركين يومئذ خالد بن الوليد وهم بينه وبين القبلة فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فصففنا خلفه صفين ثم ركع فركعنا ثم رفع فرفعنا جميعا ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم والصف الذي يليه فلما رفعوا سجد الآخرون مكانهم ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم (قال الشافعي) أخبرنا ابن عيينة عن أبي الزبير عن جابر قال: صلاة الخوف نحو ما يصنع أمراؤكم. يعنى والله تعالى أعلم هكذا (قال الشافعي) الموضع الذي كان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى هذه الصلاة والعدو صحراء ليس فيها شئ يوارى العدو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان العدو مائتين على متون الخيل طليعة وكان النبي صلى الله عليه وسلم في إلف وأربعمائة وكان لهم غير خائف لكثرة من معه وقلة العدو فكانوا لو حملوا أو تحرفوا للحمل لم يخف تحرفهم عليه وكانوا منه بعيدا لا يغيبون عن طرفه ولا سبيل لهم إليه يخفى عليهم فإذا كان هذا مجتمعا صلى الامام بالناس هكذا وهو أن يصف الامام والناس وراءه فيكبر ويكبرون معا ويركع ويركعون معا ثم يرفع فيرفعون معا ثم يسجد فيسجدون معا إلا صفا يليه أو بعض صف ينظرون العدو، لا يحمل أو ينحرف إلى طريق يغيب عنه وهو ساجد فإذا رفع الامام ومن سجد معه من سجودهم كله