صحيحا، فإن علمته طائفة صحيحا وجهلت طائفة صحته أجزأت الطائفة التي لم تعلم صحته الصلاة ولم تجز الطائفة التي علمت صحته وهذا هكذا في الصلاة (قال الشافعي) وإنما قلنا هذا في الخطبة أنها ظهر إلا أن يفعل فيها فاعل على فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خطبتين يفصل بينهما بجلوس فيكون له أن يصليها ركعتين فإذا لم يفعل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي على أصل فرضها.
أدب الخطبة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى بلغنا عن سلمة بن الأكوع أنه قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبتين وجلس جلستين وحكى الذي حدثني قال: استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الدرجة التي تلى المستراح قائما ثم سلم وجلس على المستراح حتى فرغ المؤذن من الاذان ثم قام فخطب الخطبة الأولى ثم جلس ثم قام فخطب الخطبة الثانية وأتبع هذا الكلام الحديث فلا أدرى أحدثه عن سلمة أم شئ فسره هو في الحديث (قال الشافعي) وأحب أن يفعل الامام ما وصفت وإن أذن المؤذن قبل ظهور الإمام على المنبر ثم ظهر الامام على المنبر فتكلم بالخطبة الأولى ثم جلس ثم قام فخطب أخرى أجزأه ذلك إن شاء الله لأنه قد خطب خطبتين فصل بينهما بجلوس (قال) ويعتمد الذي يخطب على عصا أو قوس أو ما أشبههما لأنه بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتمد على عصا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قلت لعطاء أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على عصا إذا خطب؟ قال: نعم كان يعتمد عليها اعتمادا (قال الشافعي) وإن لم يعتمد على عصا أحببت أن يسكن جسده ويديه إما بأن يضع اليمنى على اليسرى وإما أن يقرهما في موضعهما ساكنتين ويقل التلفت ويقبل بوجهه قصد وجهه ولا أحب أن يلتفت يمينا ولا شمالا ليسمع الناس خطبته لأنه إن كان لا يسمع أحد الشقين إذا قصد بوجهه تلقاءه فهو لا يلتفت ناحية يسمع أهلها إلا خفى كلامه على الناحية التي تخالفها مع سوء الأدب من التلفت (قال الشافعي) وأحب أن يرفع صوته حتى يسمع أقصى من حضره إن قدر على ذلك وأحب أن يكون كلامه كلاما مترسلا مبينا معربا بغير الاعراب الذي يشبه العى وغير التمطيط وتقطيع الكلام ومده وما يستنكر منه ولا العجلة فيه عن الافهام ولا ترك الافصاح بالقصد وأحب أن يكون كلامه قصدا بليغا جامعا (قال الشافعي) أخبرنا سعيد بن سالم ومالك بن أنس عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر (قال الشافعي) وإذا فعل ما كرهت له من إطالة الخطبة أو سوء الأدب فيها أو في نفسه فاتى بخطبتين يفصل بينهما بجلوس لم يكن عليه إعادة وأقل ما يقع عليها اسم خطبة من الخطبتين أن يحمد الله تعالى ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ويقرا شيئا من القرآن في الأولى ويحمد الله عز ذكره ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ويوصى بتقوى الله ويدعو في الآخرة لان معقولا أن الخطبة جمع بعض الكلام من وجوه إلى بعض، هذا أو جز ما يجمع من الكلام (قال الشافعي) وإنما أمرت بالقراءة في الخطبة أنه لم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب في الجمعة إلا قرأ فكان أقل ما يجوز يقال قرأ آية من القرآن وأن يقرأ أكثر منها أحب إلى وإن جعلها خطبة واحدة عاد فخطب خطبة ثانية مكانه، فإن لم يفعل ولم يخطب حتى يذهب الوقت أعاد الظهر أربعا، فان جعلها خطبتين لم يفصل بينهما بجلوس أعاد خطبته، فإن لم يفعل صلى الظهر أربعا وإن ترك الجلوس الأول حين يظهر على المنبر كرهته ولا إعادة عليه، لأنه ليس من الخطبتين، ولا فصل بينهما وهو عمل قبلهما لا منهما.