أقل أو أكثر اغتسلت عند كل صلاة وصلت ولا يجزيها أن تصلى صلاة بغير غسل لأنه يحتمل أن تكون في حين ما قامت تصلى الصبح أن يكون هذا وقت طهرها فعليها أن تغتسل فإذا جاءت الظهر احتمل هذا أيضا أن يكون حين طهرها فعليها أن تغتسل وهكذا في كل وقت تريد أن تصلى فيه فريضة يحتمل أن يكون هو وقت طهرها فلا يجزيها إلا الغسل ولما كانت الصلاة فرضا عليها احتمل إذا قامت لها أن يكون يجزيها فيه الوضوء. ويحتمل أن لا يجزيها فيه إلا الغسل فلما لم يكن لها أن تصلى إلا بطهارة بيقين لم يجزئها إلا الغسل لأنه اليقين والشك في الوضوء ولا يجزيها أن تصلى بالشك ولا يجزئها إلا اليقين وهو الغسل فتغتسل لكل صلاة.
باب أصل فرض الصلاة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " وقال " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين " الآية مع عدد آي فيه ذكر فرض الصلاة (قال) وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاسلام فقال " خمس صلوات في اليوم والليلة " فقال السائل: هل على غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع.
أول ما فرضت الصلاة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى سمعت من أثق بخبره وعلمه يذكر أن الله أنزل فرضا في الصلاة ثم نسخه بفرض غيره ثم نسخ الثاني بالفرض في الصلوات الخمس (قال) كأنه يعنى قول الله عز وجل " يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا " الآية ثم نسخها في السورة معه بقول الله جل ثناؤه " إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه " إلى قوله " فاقرءوا ما تيسر من القرآن " فنسخ قيام الليل أو نصفه أو أقل أو أكثر بما تيسر وما أشبه ما قال بما قال وإن كنت أحب أن لا يدع أحد أن يقرأ ما تيسر عليه من ليلته ويقال نسخت ما وصفت من المزمل بقول الله عز وجل " أقم الصلاة لدلوك الشمس " ودلوكها زوالها " إلى غسق الليل " العتمة " وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا " الصبح " ومن الليل فتهجد به نافلة لك " فأعلمه أن صلاة الليل نافلة لا فريضة وأن الفرائض فيما ذكر من ليل أو نهار ويقال في قول الله عز وجل " فسبحان الله حين تمسون " المغرب والعشاء " وحين يصبحون " الصبح " وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا " العصر " وحين تظهرون " الظهر وما أشبه ما قيل من هذا بما قيل والله تعالى أعلم (قال) وبيان ما وصفت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا مالك عن عمه أبى سهيل بن مالك عن أبيه انه سمع طلحة ابن عبيد الله يقول جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الاسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خمس صلوات في اليوم والليلة " فقال هل علي غيرها فقال لا إلا أن تطوع (قال الشافعي) ففرائض الصلوات خمس وما سواها تطوع فأوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم على البعير ولم يصل مكتوبة علمناه على بعير وللتطوع وجهان صلاة جماعة وصلاة منفردة وصلاة الجماعة مؤكدة ولا أجيز تركها لمن قدر عليها بحال وهو صلاة العيدين وكسوف الشمس والقمر والاستسقاء، فأما قيام شهر رمضان فصلاة المنفرد أحب إلى منه وأوكد صلاة