ذكر الله " (قال الشافعي) وإذا كان قوم ببلد يجمع أهلها وجبت الجمعة على من يسمع النداء من ساكني المصر أو قريبا منه بدلالة الآية (قال الشافعي) وتجب الجمعة عندنا على جميع أهل المصر وإن كثر أهلها حتى لا يسمع أكثرهم النداء لان الجمعة تجب بالمصر والعدد وليس أحد منهم أولى بأن تجب عليه الجمعة من غيره إلا من عذر (قال الشافعي) وقولي سمع النداء إذا كان المنادى صيتا وكان هو مستمعا والأصوات هادئة فأما إذا كان المنادى غير صيت والرجل غافل والأصوات ظاهرة فقل من يسمع النداء (قال الشافعي) ولست أعلم في هذا أقوى مما وصفت وقد كان سعيد بن زيد وأبو هريرة يكونان بالشجرة على أقل من ستة أميال فيشهدان الجمعة ويدعانها وقد كان يروى أن أحدهما كان يكون بالعقيق فيترك الجمعة ويشهدها ويروى ان عبد الله بن عمرو بن العاص كان على ميلين من الطائف فيشهد الجمعة ويدعها (قال الشافعي) أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن زيد عن سعيد بن المسيب أنه قال تجب الجمعة على من يسمع النداء (قال الشافعي) وإذا كانت قرية جامعة وكان لها قرى حولها متصلة الأموال بها وكانت أكثر سوق تلك القرى في القرية الجامعة لم أرخص لاحد منهم في ترك الجمعة وكذلك لا أخرص لمن على الميل والميلين وما أشبه هذا ولا يتبين عندي أن يحرج بترك الجمعة إلا من سمع النداء ويشبه أن يحرج أهل المصر، وإن عظم بترك الجمعة.
من يصلى خلفه الجمعة والجمعة خلف كل إمام صلاها من أمير ومأمور ومتغلب على بلدة وغير أمير مجزئة كما تجزئ الصلاة خلف كل من سلف (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال شهدنا العيد مع علي رضي الله عنه وعثمان محصور (قال الشافعي) وتجزئ الجمعة خلف العبد والمسافر كما تجزئ الصلاة غيرها خلفهما فإن قيل ليس فرض الجمعة عليهما، قيل ليس يأثمان بتركها وهما يؤجران على أدائها وتجزئ عنهما كما تجزئ عن المقيم وكلاهما عليه فرض الصلاة بكمالها ولا أرى أن الجمعة تجزئ خلف غلام لم يحتلم والله تعالى أعلم، ولا تجمع امرأة بنساء لان الجمعة إمامة جماعة كاملة وليست المرأة ممن لها أن تكون إمام جماعة كاملة:
الصلاة في مسجدين فأكثر (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولا يجمع في مصر وإن عظم أهله وكثر عامله ومساجده إلا في موضع المسجد الأعظم وإن كانت له مساجد عظام لم يجمع فيها إلا في واحد وأيها جمع فيه أولا بعد الزوال فهي الجمعة وإن جمع في آخر سواه يعده لم يعتد الذين جمعوا بعده بالجمعة وكان عليهم أن يعيدوا ظهرا أربعا (قال الشافعي) وسواء الذي جمع أولا الوالي أو مأمور أو رجل أو تطوع أو تغلب أو عزل فامتنع من العزل بمن جمع معه أجزأت عنه الجمعة ومن جمع مع الذي بعده لم تجزه الجمعة وإن كان واليا وكانت عليه إعادة الظهر (قال) وهكذا إن جمع من المصر في مواضع فالجمعة الأولى، وما سواها لا تجزئ إلا ظهرا (قال الشافعي) وإن أشكل على الذين جمعوا أيهم جمع أولا أعادوا كلهم ظهرا أربعا (قال الشافعي) ولو أشكل ذلك عليهم فعادوا فجمعت منهم طائفة ثانية في وقت الجمعة