الخلاف في الكلام في الصلاة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فخالفنا بعض الناس في الكلام في الصلاة وجمع علينا فيها حججا ما جمعها علينا في شئ غيره إلا في اليمين مع الشاهد ومسألتين أخريين (قال الشافعي) فسمعته يقول حديث ذي اليدين حديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ قط أشهر منه ومن حديث " العجماء جبار " وهو أثبت من حديث " العجماء جبار " ولكن حديث ذي اليدين منسوخ فقلت: ما نسخه؟ قال حديث ابن مسعود ثم ذكر الحديث الذي بدأت به الذي فيه إن الله عز وجل يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث الله أن لا تتكلموا في الصلاة (قال الشافعي) فقلت له والناسخ إذا اختلف الحديثان الآخر منهما قال نعم فقلت له: أو لست تحفظ في حديث ابن مسعود هذا ان ابن مسعود مر على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قال فوجدته يصلى في فناء الكعبة وأن ابن مسعود هاجر إلى أرض الحبشة ثم رجع إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرا؟ قال بلى (قال الشافعي) فقلت له فإذا كان مقدم ابن مسعود على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم كان عمران ابن حصين يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى جذعا في مؤخر مسجده أليس تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في مسجده إلا بعد هجرته من مكة؟ قال بلى، قلت: فحديث عمران بن حصين يدلك على أن حديث ابن مسعود ليس بناسخ لحديث ذي اليدين وأبو هريرة يقول: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فلا أدرى ما صحبة أبي هريرة، قلت: له قد بدأنا بما فيه الكفاية من حديث عمران الذي لا يشكل عليك وأبو هريرة إنما صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر وقال أبو هريرة صحبت النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثلاث سنين أو أربعا " قال الربيع أنا شككت " وقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة سنين سوى ما أقام بمكة بعد مقدم ابن مسعود وقبل أن يصحبه أبو هريرة، أفيجوز أن يكون حديث ابن مسعود ناسخا لما بعده؟ قال: لا (قال الشافعي) وقلت له: ولو كان حديث ابن مسعود مخالفا حديث أبي هريرة وعمران بن الحصين كما قلت وكان عمد الكلام وأنت تعلم أنك في صلاة كهو إذا تكلمت وأنت ترى أنك أكملت الصلاة أو نسيت الصلاة كان حديث ابن مسعود منسوخا وكان الكلام في الصلاة مباحا ولكنه ليس بناسخ ولا منسوخ ولكن وجهه ما ذكرت من أنه لا يجوز الكلام في الصلاة على الذكر أن المتكلم في الصلاة وإذا كان هكذا تفسد الصلاة وإذا كان النسيان والسهو وتكلم وهو يرى أن الكلام مباح بأن يرى أن قد قضى الصلاة أو نسي أنه فيها لم تفسد الصلاة (قال محمد بن إدريس) فقال وأنتم تروون أن ذا اليدين قتل ببدر (قلت) فاجعل هذا كيف شئت أليست صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة في حديث عمر أن بن الحصين والمدينة أنما كانت بعد حديث ابن مسعود بمكة قال بلى (قلت) وليس لك إذا كان كما أردت فيه حجة لما وصفت وقد كانت بدر بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بستة عشر شهرا (قال) أفذو اليدين الذي رويتم عنه المقتول ببدر (قلت) لا عمر ان يسميه الخرباق ويقول قصير اليدين أو مديد اليدين والمقتول ببدر ذو الشمالين ولو كان كلاهما ذو اليدين كان اسما يشبه أن يكون وافق اسما كما تتفق الأسماء (قال الشافعي) فقال بعض من يذهب مذهبه فلنا حجة أخرى قلنا: وما هي؟ قال إن معاوية بن الحكم حكى أنه تكلم في الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام بني آدم
(١٤٨)