____________________
أصاب الثوب إن كان رطبا مسحه وإن كان يابسا حته وأحدهما قال: أمطه عنك فإنما هو كالبصاق والمخاط قلنا ما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه أن المنى طاهر ولا يجوز لاحد إذا جاء الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول برأي نفسه وعليه أن يسلم له ومما استدللنا على طهارة المنى أن الله عز وجل ابتدأ خلق آدم من طهارتين الماء والطين ولم يكن الله عز وجل يخلق أنبياءه من النجاسة فإن قلت إن المنى يكون في الرحم علقة والعلقة الدم والدم نجس وإنما خلقوا من ذلك الدم قيل لك: إن كنت إنما صيرت المنى حين صيره الله عز وجل علقة نجسا وصيره مضغة وجعل المضغة عظاما فقد آل إلى أن صار حلا وطاهرا كعصير العنب حين يعصر حلالا فلما صار خمرا صار حراما فلما آل إلى أن صار خلا صار حلالا كله فذلك مثله مع أن النطفة لم تصر نجسا قط حين صارت علقة من قبل أن انقلاب الشئ خلقا بعد خلق مغيب في الانسان لا يكون نجسا ولو جاز أن يكون نجسا لكان المرء قائما الساعة برمته نجسا من قبل أن الدم فيه وغير ذلك من الأنجاس فلما كان هذا هكذا لم يكن فيه إلا التسليم لا يقال فيه لم ولا كيف مع الأحاديث المذكورة فيه وبالله التوفيق فإن قلت لو كان المنى طاهرا في نفسه لكان في مجراه للخروج ما ينجسه لان مخرجه من مخرج البول وأنت تقول إن البيضة إذا بيضت لا يجوز لي أن أصلى وأنا حاملها حتى أغسلها فلست أغسلها إلا أن يكون فيها دم فأما إذا خرجت لا دم فيها ولا غيره من الأنجاس فهي طاهرة والمخرج الذي خرجت منه إذا كان مغيبا طاهر ويقال له وبالله التوفيق أصل قولنا في المنى الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن عائشة فركته من ثوبه فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلم أنه يخرج من الذكر الذي يخرج منه البول وعائشة وابن عباس وسعد بن أبي وقاص كلهم يعرفون ذلك وفي قدرة الله تبارك وتعالى ما يخرج من الموضع النجس طاهرا لقوله عز وجل " نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين " فأخبر تعالى ذكره بقدرته على أن أخرج من بين النجاستين طاهرا مأكولا فإن قلت قد يمكن أن يخرج من بينهما وبينهما حاجز لا يمس اللبن من الفرث والدم شيئا فقد أبطلت معنى ما أخبر الله تبارك وتعالى من قدرته أنه أخرج من نجاستين طاهرا ولو كان كما قلت لم يكن ههنا عجب والله على كل شئ قدير (قال أبو محمد الربيع بن سليمان) ويقال له أنت تزعم أن الرجل إذا رعف ثم غسل أنفه وانقطع الدم عنه أنه يجوز له أن يصلى وإن لم يكن غسل داخل أنفه والرأس جوف وكلهم يزعم أن المخاط طاهر ليس بنجس وإن خرج من الموضع الذي خرج منه الدم فكذلك المنى يخرج من موضع البول ولا يكون نجسا كما لا يكون المخاط نجسا وإن خرج من موضع الدم وكذلك لو قاء إنسان كان القئ نجسا ولو تمضمض ثم تنخم من بعد أو بصق كان بصاقه طاهرا وإن كان قد خرج من موضع نجسه القئ