لم يكن موجودا فيه فإن قال قائل ما الحجة فيه فرق بين ما ينجس وما لا ينجس ولم يتغير واحد منهما قيل: السنة أخبرنا الثقة عن الوليد بن كثير عن محمد ابن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا أو خبثا " أخبرنا مسلم عن ابن جريج بإسناد لا يحضرني ذكره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا " وقال في الحديث: بقلال هجر، قال ابن جريج: ورأيت قلال هجر فالقلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا (قال الشافعي) رحمه الله: كان مسلم يذهب إلى أن ذلك أقل من نصف القربة أو نصف القربة فيقول خمس قرب هو أكثر ما يسع قلتين وقد تكون القلتان أقل من خمس قرب، وفي قول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم " إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا " دلالة على أن ما دون القلتين من الماء يحمل النجس (قال الشافعي) فالاحتياط أن تكون القلة قربتين ونصفا فإذا كان الماء خمس قرب لم يحمل نجسا في جريان أو غيره، وقرب الحجاز كبار فلا يكون الماء الذي لا يحمل النجاسة إلا بقرب كبار وإذا كان الماء أقل من خمس قرب فخالطته ميتة نجس ونجس كل وعاء كان فيه فأهريق ولم يطهر الوعاء إلا بأن يغسل وإذا كان الماء أقل من خمس قرب فخالطته نجاسة ليست بقائمة فيه نجسته فإن صب عليه ماء حتى يصير هو بالذي صب عليه خمس قرب فأكثر طهر وكذلك لو صب هو على الماء أقل وأكثر منه حتى يصير الماء آن معا أكثر من خمس قرب لم ينجس واحد منهما صاحبه وإذا صارا خمس قرب فطهرا ثم فرقا لم ينجسا بعد ما طهرا إلا بنجاسة تحدث فيهما وإذا وقعت الميتة في بئر أو غيرها فأخرجت في دلو أو غيره طرحت وأريق الماء الذي معه لأنه أقل من خمس قرب منفردا من ماء غيره وأحب إلى لو غسل الدلو فإن لم يغسل ورد في الماء الكثير طهره الماء الكثير ولم ينجس هو الماء الكثير (قال) والمحرم كله سواء إذا وقع في أقل من خمس قرب نجسه ولو وقع حوت ميت في ماء قليل أو جرادة ميتة لم ينجس لأنهما حلال ميتتين وكذلك كل ما كان من ذوات الأرواح مما يعيش في الماء ومما لا يعيش في الماء من ذوات الأرواح إذا وقع في الماء الذي ينجس ميتا نجسه إذا كان مما له نفس سائلة فأما ما كان مما لا نفس له سائلة مثل الذباب والخنافس وما أشبههما ففيه قولان أحدهما أن ما مات من هذا في ماء قليل أو كثير لم ينجسه ومن قال هذا قال فإن قال قائل هذه ميتة فكيف زعمت أنها لا تنجس؟ قيل لا تغير الماء بحال ولا نفس لها فإن قال فهل من دلالة على ما وصفت قيل: نعم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالذباب يقع في الماء أن يغمس فيه وكذلك أمر به في الطعام وقد يموت بالغمس وهو لا يأمر بغمسه في الماء والطعام وهو ينجسه لو مات فيه لأن ذلك عمد إفسادهما والقول الثاني أنه إذا مات فيما ينجس نجس لأنه محرم وقد يأمر بغمسه للداء الذي فيه والأغلب أنه لا يموت وأحب إلى أن كل ما كان حراما أن يؤكل فوقع في ماء فلم يمت حتى أخرج منه لم ينجسه وإن مات فيه نجسه وذلك مثل الخنفساء والجعل والذباب والبرغوث والقملة وما كان في هذا المعنى (قال) وذرق الطير كله ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه إذا خالط الماء نجسه لأنه يرطب برطوبة الماء (قال الربيع) وعرق النصرانية والجنب والحائض طاهر وكذلك المجوسي وعرق كل دابة طاهر وسؤر الدواب والسباع كلها طاهر إلا الكلب والخنزير (قال الربيع) وهو قول الشافعي وإذا وضع المرء ماء فاستن بسواك وغمس السواك في الماء ثم أخرجه توضأ بذلك الماء لأن أكثر ما في السواك ريقه وهو لو بصق أو تنخم أو امتخط في ماء لم ينجسه والدابة نفسها تشرب في الماء وقد يختلط به لعابها فلا ينسجه إلا أن يكون كلبا أو خنزيرا (قال)
(١٨)