____________________
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كن نساء من المؤمنات يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم وهن متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى أهلهن ما يعرفهن أحد من الغلس (قال الشافعي) وروى زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يوافق هذا وروى مثله أنس بن مالك وسهل بن سعد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم (قال الشافعي) فقلنا إذا انقطع الشك في الفجر الآخر وبان معترضا فالتغليس بالصبح أحب إلينا (قال الشافعي) وقد قال بعض الناس الاسفار بالفجر أحب إلينا (قال) وروى حديثان مختلفان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذنا بأحدهما وذكر حديث رافع بن خديج وقال أخذنا به لأنه كان أرفق بالناس (قال) وقال لي أرأيت إن كانا مختلفين فلم صرت إلى التغليس (قلت) لان التغليس أولاهما معنى لكتاب الله وأثبتهما عند أهل الحديث وأشبههما بجمل سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرفهما عند أهل العلم (قال) فاذكر ذلك (قلت) قال الله تعالى " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " فذهبنا أنها الصبح وكان أقل ما في الصبح إن لم تكن هي أن تكون مما أمرنا بالمحافظة عليه فلما دلت السنة ولم يختلف أحد أن الفجر إذا بان معترضا فقد جاز أن يصلى الصبح علمنا أن مؤدى الصلاة في أول وقتها أولى بالمحافظة عليها من مؤخرها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول الوقت رضوان الله وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل فقال الصلاة في أول وقتها ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤثر على رضوان الله ولا على أفضل الأعمال شيئا (قال الشافعي) ولم يختلف أهل العلم في امرئ أراد التقرب إلى الله تعالى بشئ يتعجله مبادرة ما لا يخلو فيه الآدميون من النسيان والشغل ومقدم الصلاة أشد فيها تمكنا من مؤخرها وكانت الصلاة المقدمة من أعلى اعمال بني آدم وأمرنا بالتغليس بها لما وصفنا (قال) فأبن أن حديثك الذي ذهبت إليه أثبتهما (قلت) حديث عائشة وزيد بن ثابت وثالث معهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بالتغليس أثبت من حديث رافع بن خديج وحده في أمره بالاسفار وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمر بأن تصلى صلاة في وقت ويصليها في غيره (قال الشافعي) وأثبت الحجج وأولادها ما ذكرنا من أمر الله عز وجل لمحافظة على الصلوات ثم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أول الوقت رضوان الله، وقوله إذ سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة في أول وقتها. (قال الشافعي) فقال أيخالف حديث رافع حديثكم في التغليس (قلت) إن خالفه فالحجة في أخذنا بحديثنا ما وصفت وقد يحتمل أن لا يخالفه بأن يكون الله عز وجل أمر بالمحافظة على الصلوات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ذلك أفضل الأعمال وإنه رضوان الله فلعل من الناس من سمعه فقدم الصلاة قبل أن يتبين الفجر فأمرهم أن يسفروا حين يتبين الفجر الآخر ولا يكون معنى حديث رافع ما أردت من الاسفار ولا يكون حديثه مخالفا حديثنا (قال) فما ظاهر حديث رافع (قلت) الامر بالاسفار لا التغليس وإذا احتمل أن يكون موافقا للأحاديث كان أولى بنا ألا ننسبه إلى الاختلاف فإن كان مخالفا فالحجة في تركناه بحديثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما وصفت من الدلائل معه.