في ظلمات البر والبحر " وقال " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم " ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره " (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فنصب الله عز وجل لهم البيت والمسجد فكانوا إذا رأوه فعليهم استقبال البيت لان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى مستقبله والناس معه حوله من كل جهة ودلهم بالعلامات التي خلق لهم والعقول التي ركب فيهم على قصد البيت الحرام وقصد المسجد الحرام وهو قصد البيت الحرام فالفرض على كل مصلى فريضة أو نافلة أو على جنازة أو ساجد لشكر أو سجود قرآن أن يتحرى استقبال البيت إلا في حالين أرخص الله تعالى فيهما سأذكرهما إن شاء الله تعالى.
كيف استقبال البيت (قال الشافعي) رحمه الله تعالى واستقبال البيت وجهان فكل من كان يقدر على رؤية البيت ممن بمكة في مسجدها أو منزل منها أو سهل أو جبل فلا تجزيه صلاته حتى يصيب استقبال البيت لأنه يدرك صواب استقباله بمعاينته وإن كان أعمى وسعه أن يستقبل به غيره البيت ولم يكن له أن يصلي وهو لا يرى البيت بغير أن يستقبله به غيره فإن كان في حال لا يجد أحدا يستقبله به صلى وأعاد الصلاة لأنه على غير علم من أنه أصاب استقبال القبلة إذا غاب عنه بالدلائل التي جعلها الله من النجوم والشمس والقمر والجبال والرياح وغيرها مما يستدل به أهل الخبرة على التوجه إلى البيت وإن كان بصيرا وصلى في ظلمة واجتهد في استقبال القبلة فعلم أنه أخطأ استقبالها لم يجزه إلا أن يعيد الصلاة لأنه يرجع من ظن إلى إحاطة وكذلك إن كان أعمى فاستقبل به رجل القبلة ثم علم بخبر من يثق به أنه أخطأ به استقبال القبلة أعاد الصلاة وإن صلى في ظلمة حائلة دون رؤية البيت فاستقبل القبلة في ظلمة أو استقبل به وهو أعمى ثم شكا أنهما قد أخطأ الكعبة لم يكن عليهما إعادة وهما على الصواب إذا حيل دون رؤية البيت حتى يعلما أن قد أخطأ فيعيدان معا (قال الشافعي) ومن كان في موضع من مكة لا يرى منه البيت أو خارجا عن مكة فلا يحل له أن يدع كلما أراد المكتوبة أن يجتهد في طلب صواب الكعبة بالدلائل من النجوم والشمس والقمر والجبال ومهب الريح وكل ما فيه عنده دلالة على القبلة وإذا كان رجال خارجون من مكة فاجتهدوا في طلب القبلة فاختلف اجتهادهم لم يسع أحدا منهم أن يتبع اجتهاد صاحبه وإن رآه أعلم بالاجتهاد منه حتى يدله صاحبه على علامة يرى هو بها أنه قد أخطأ باجتهاده الأول يرجع إلى ما رآى هو لنفسه آخر إلى اتباع اجتهاد غيره ويصلى كل واحد منهم على جهته التي رأى أن القبلة فيها ولا يسع واحدا منهم أن يأتم بواحد إذا حالف اجتهاده اجتهاده (قال) فإذا كان فيهم أعمى لم يسعه أن يصلي إلى حيث رأى أن قد أصاب القبلة لأنه لا يرى شيئا ووسعه ان يصلي حيث رأى له بعضهم فإن اختلفوا عليه تبع آمنهم عنده وأبصرهم وإن خالفه غيره (قال) وإن صلى الأعمى برأي نفسه (1) أو منفردا كان في السفر وحده أو هو وغيره كانت عليه إعادة كل ما صلى برأي نفسه لأنه لا رأى له (قال الشافعي) وكل من دله على القبلة من رجل أو امرأة أو عبد من المسلمين