أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما لم يفعله، وإن كانت منهما فهو شريكه والقوي أولى بإنصاف الضعيف، وإن كانت من العبد وحده فعليه وقع الأمر، وإليه توجه النهي، وله حق الثواب والعقاب، ووجبت الجنة والنار، فقلت: {ذرية بعضها من بعض} (1) الآية (2).
وهو الذي قال في حقه هارون الرشيد الذي قتله وسعى بكل ما استطاع لإطفاء نوره، لولده المأمون عند ما سأله: يا أمير المؤمنين لقد رأيتك عملت بهذا الرجل شيئا ما رأيتك فعلته بأحد من أبناء المهاجرين والأنصار، ولا ببني هاشم، فمن هذا الرجل؟ فقال: يا بني هذا وارث علم النبيين، هذا موسى بن جعفر بن محمد، إن أردت العلم الصحيح فعند هذا، قال المأمون، فحينئذ انغرس في قلبي محبتهم (3).
وقال المطران، وهو أعلم العرب والعجم بالنصرانية لعالم نصراني، سأله عن الأعلم: " إن كنت تريد علم الاسلام، وعلم التوراة، وعلم الإنجيل، وعلم الزبور، وكتاب هود، وكل ما انزل على نبي من الأنبياء في دهرك ودهر غيرك، وما أنزل من السماء من خبر، فعلمه أحد أو لم يعلم به أحد، فيه تبيان كل شئ، وشفاء للعالمين، وروح لمن استروح إليه، وبصيرة لمن أراد الله به خيرا، وأنس إلى الحق فأرشدك إليه " فأرشده إلى موسى بن جعفر (4).
وما جاء عنه في العلوم والمعارف من معرفة الله وأحكامه، وما يرشد الانسان إلى سعادة الدارين لا يسعه هذا المختصر.