رواية أخرى: (وليس المكافأة أن يصنع كما صنع به حتى يربي عليه، فإن صنعت كما صنع كان له الفضل بالابتداء) وعن الرسول (صلى الله عليه وآله): (من سألكم بالله فأعطوه، ومن آتاكم معروفا فكافئوه، وإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا الله له حتى تظنوا أنكم قد كافأتموه).
وأشد تأكيدا من استحباب المكافأة أن يشكر لصاحب المعروف فعله فيزيد في مقدار المعروف الذي يكافئه به أو في الثناء عليه والدعاء له.
ويجب على العبد أن يشكر الله سبحانه على نعمه التي لا ينتهي مدها ولا يحصى عدها سواء كانت خاصة به أم عامة له ولغيره، ومن متممات شكر الله على نعمته أن يشكر العبد الذي ساق الله إليه النعمة على يديه، وقد دلت على هذا نصوص عديدة، وفي الشكر على النعمة أمان لها عن الزوال وضمان من الله للعبد الشاكر بالمزيد.
[المسألة 50:] يحرم على الإنسان أن يكفر المعروف الذي يصل إليه من المخلوقين، والكفران هو أن يجحد المعروف الذي يسديه إليه صانع المعروف ويغمط حقه فلا يشكر له فعله ولا يكافئه عنه بشئ ولا يذكره بثناء ولا بدعاء، وأشد من ذلك أن يقابل معروفه بالذم والجحود والكنود، وأعظم من ذلك في التحريم أن يكفر العبد نعمة ربه، وقد توعد - سبحانه - من كفر نعمته بالعذاب الشديد، وورد في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وأوصيائه المعصومين إن كفران النعمة من الذنوب التي تعجل عقوبتها ولا تؤجل إلى الآخرة.
ولذلك فيكون شكر نعمة الله من موارد وجوب الأمر بالمعروف إذا أوتي العبد النعمة من الله فلم يشكر، ويكون كفران نعمته من موارد وجوب النهي عن المنكر.
[المسألة 51:] ينبغي إعظام فاعل المعروف الواجب والمندوب، سواء كان ذلك بأمر نفسه والتزامه بأحكام الله ومناهج شريعته، أم كان فعله والتزامه بعد أن أمره الآمرون بالمعروف ودلوه عليه، فتاب إلى ربه وأناب، فعن أبي عبد الله (ع):
(أقيلوا لأهل المعروف عثراتهم واغفروها لهم، فإن كف الله عز وجل عليهم هكذا، وأومأ بيده كأنه بها يظل شيئا)، وعنه (ع): (أهل المعروف في الدنيا هم