[المسألة 74:] يجب على المكلف أن يحاسب نفسه على عمله في كل يوم يمر عليه، فإن وجد ما عمله صالحا حمد الله على توفيقه وهدايته، وسأل منه المزيد من الهداية والعون، وإن وجده سيئا ندم عليه واستغفر الله منه، وتداركه بالتوبة، والروايات الدالة على هذا كثيرة بل مستفيضة.
[المسألة 75:] يستحب للإنسان أن يتذكر ذنوبه السابقة، وإن كان قد تاب منها، ويكرر الندم على فعلها والاستغفار منها كلما تذكرها، وأن لا تشغله النعم التي تجددت عليه من الله عن ذلك، ففي الخبر عن أبي عبد الله (ع): (إن المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتى يستغفر ربه فيغفر له، وإن الكافر لينساه من ساعته)، وإذا شغلته النعم المتجددة عليه فلم يذكر ذنوبه ولم يتب إلى الله منها كان ذلك من الاستدراج كما يقول سبحانه: (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون).
[المسألة 76:] يستحب للإنسان أن يتفكر في الأمور التي توجب له العبرة وتفيده الموعظة، والتوجه مع الانتباه الكامل إلى أعمال الخير والبر والانصراف عن أضدادها، وأن يكون كثير التفكر في ذلك، فعن الإمام أبي عبد الله (ع): (التفكر يدعو إلى البر والعمل به) وعن الرسول صلى الله عليه وآله: (تفكر ساعة خير من قيام ليلة) وعن أبي الحسن الرضا (ع): (ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله (عز وجل)، فيتذكر أصحابا له درجوا قبله، فسبقوه في الأعمال الصالحة، أو في الابتعاد عن المعاصي أو في ملازمة الخصال المحمودة والأخلاق الفاضلة، أو في نفع الناس وبرهم وارشادهم، فيفيد من تفكره بهم اعتبارا قويا وشعورا حيا بالمسؤولية، واندفاعا للاقتداء بأعمالهم أو السبق عليهم، وعن أبي عبد الله (ع): (كان أكثر عبادة أبي ذر رحمه الله التفكر والاعتبار).
ويجب على الإنسان التفكر في ملكوت الله، وفي مجالي عظمته في خلقه، ومظاهر قدرته، وفي شدة بطشه وقوة سلطانه، فيصحح بذلك معرفته بالله، ويثبت بها عقيدته، ويزكي عمله، ولا يجوز له أن يفكر في ذات الله، فالتفكر في ذلك لا يزيده إلا حيرة وتيها، وكيف يحيط الفكر المتناهي المحدود في وجوده وفي طاقته