أقول: يظهر من عبارة النهاية أن الموات عنده يختص بما لم يحيي قط فلا يطلق على ما عرضه الموت، كما أن الموتان عند الفراء وصاحب القاموس كذلك.
وظاهر التذكرة اختصاص الموات بما عرضه الموت.
ولكن الظاهر كون اللفظين بحسب العرف بل بحسب اللغة أيضا أعم، إذ الموت الحياة من قبيل العدم والملكة، وما كان حيا ثم زالت عنه الحياة بالكلية يصدق عليه الميت قطعا.
والمتبادر من موت الأرض خرابها وعطلتها بحيث لا تصلح أن ينتفع بها إلا بإعداد جديد وإن فرض بقاء بعض رسوم العمارة وآثارها كالقرى الخربة الباقية من الأعصار السالفة.
وإحياؤها عبارة عن إعدادها للانتفاع بها بتحصيل الشرائط ورفع الموانع لا بفعلية الانتفاع، وكلاهما من المفاهيم العرفية، واختلاف تعبيرات الفقهاء وأهل اللغة لا يضر بعد كونها من قبيل شرح الاسم لموضوع عرفي. وعادة الشرع في أمثال المقام إحالة الناس إلى ما هو المعهود عندهم إلا فيما دل دليل على خلافه.
وأما بياد الأهل وجلاؤهم بحيث لا يعرف منهم أحد فكونه مأخوذا في مفهومه محل إشكال وإن قلنا باعتباره في جواز التصرف فيها وإحيائها، ولذا لم يؤخذ هذا في تعريف الشرائع، فلاحظ.
نعم لا يكفي في صدق الموات مطلق العطلة بانقطاع الماء أو استيلائه موقتا لحوادث آنية، بل لابد من أن تكون على وجه يعد مواتا وعاطلة عرفا بحيث يتوقف الانتفاع منها إلى إعداد وإصلاح جديد يسمى إحياء.
وأما الخربة فربما ينسبق إلى الذهن اختصاصها بما كانت عامرة في سالف الزمان ثم عرضها الموت فلا تشمل الموات بالأصالة، ويؤيد ذلك ما حكيناه عن مجمع البحرين.
وأما ما يحصل به الإحياء فسيأتي بحثه في المسائل الآتية، فانتظر.