إحياء الأراضي وحيازة المباحات وآثار صنعه في الأشياء والمواد الأولية، ولا محالة يملك بالتبع المحياة والمحوز والمصنوع، فيستفيد منها بشخصه أو ينقلها إلى غيره بالنواقل الاختيارية بلا عوض أو بعوض أو تنتقل منه قهرا بالنواقل القهرية كالوراثة مثلا حيث إن الوارث ظل لوجوده ونحو استمرار لذاته.
ومقتضى ما ذكرنا عدم مالكيته لما لم يقع تحت صنعه وفعله كالبحار والقفار والآجام المعادن ونحوها بل وغنائم الحرب أيضا، فهي تبقى على إطلاقها الأولي ملكا لله - تعالى -، وقد جعلها الله - تعالى - في طول ذلك للرسول وتحت اختياره، فالأنفال كلها لله وللرسول بمقتضى الكتاب والسنة والإجماع بل العقل وجعلت بعد ذلك بمقتضى الأخبار الكثيرة المتواترة للإمام القائم مقام الرسول بما أنه إمام وقائد للأمة يفعل فيها ما يراه صلاحا للإمامة والأمة وقد مر تفصيل ذلك وبيان أن حيثية الإمامة ملحوظة بنحو التقييد لا بنحو التعليل، فالمالك نفس الحيثية والمنصب، فراجع ما ذكرناه في الجهة الثانية من البحث.
نعم في خبر حريز، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول وسئل عن الأنفال فقال: " كل قرية يهلك أهلها أو يجلون عنها فهي نفل لله - عز وجل -، نصفها يقسم بين الناس، ونصفها لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فما كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو للإمام. " (1) ونحوه خبر العياشي، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته أو سئل عن الأنفال، فقال: " كل قرية يهلك أهلها أو يجلون عنها فهي نفل نصفها يقسم بين الناس ونصفها للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). " (2) ومن المحتمل اتحادهما وسقوط محمد بن مسلم من سند الثاني.
ولكن مضافا إلى ضعفهما يجب تأويلهما بإرادة القسمة تبرعا وتفضلا أو حملهما على التقية كما احتملهما في الحدائق (3) وغيره، أو طرحهما لمخالفتهما للإجماعات