ضمان كله.
إذا اشترى العامل في القراض خمرا أو خنزيرا لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون العامل مسلما أو ذميا، فإن كان مسلما فالشراء باطل، سواء كان رب المال مسلما أو ذميا لأنه اشترى بالمال ما ليس بمال، فهو كما لو اشترى الميتة والدم، وإن كان العامل ذميا فالشراء باطل أيضا بمثل ذلك، وإن كان في يد العامل خمر فباعه مثل أن استحال العصير في يده خمرا فالبيع باطل، وفيه خلاف.
وإنما قلنا ذلك، لأن هذه الأشياء محرمة بلا خلاف، وجواز التصرف فيها يحتاج إلى دليل، لعموم الأخبار في تحريم بيع الخمر، فإذا كان الشراء باطلا فنقد المال من مال القراض فهل عليه ضمان؟ قيل فيه وجهان: أحدهما: لا ضمان عليه، لأن رب المال وكل الاجتهاد إليه في شراء ما يطلب فيه الفضل، وقد أدى اجتهاده إليه فلا ضمان عليه، والآخر - وهو الصحيح - أن عليه الضمان، لأن الشراء باطل، ولا يجوز للعامل دفع الثمن بغير حق، فإذا فعل فقد تعدى فلزمه الضمان.
إذا دفع إلى رجل مالا قراضا كان للعامل من الربح قدر ما شرطه له قليلا كان أو كثيرا، فإن شرط للعامل العشر جاز، وإن شرط تسعة أعشار الربح جاز، لأنه إنما يستحق الربح بالشرط، بدليل أنه لو كان القراض فاسدا لم يكن له من الربح شئ، ولو قال: خذ هذا المال فاتجر به، كان الربح كله لرب المال، فإذا كان استحقاقه بالشرط وجب أن يكون على ما شرط.
فإن دفع إليه ألفا قراضا وقال: على أن الربح بيننا، قال قوم: القراض صحيح والربح بينهما نصفين، وقال آخرون: القراض فاسد لأنه مجهول، والأول أقوى، لأنهما تساويا في إضافة الربح إليهما، وكان كقوله: هذه الدار بيني وبين زيد فإنها تكون بينهما نصفين.
إذا دفع إليه ألفا قراضا فقال: على أن لك النصف، ولم يزد عليه كان