يخالف مقتضاه لم يقدح فيه، وإن خالفت مقتضاه فسد العقد.
بيانه: إذا قال: خذه قراضا، هذا خالص للقراض، ومقتضاه أن الربح بينهما، فإن قال:
على أن الربح بيننا، صح لأنها قرينة تدل على مقتضاه، وإن قال: على أن الربح لك، كان قراضا فاسدا لأنها قرينة تخالف مقتضاه.
فإن قال: على أن الربح كله لي، فهو قراض فاسد أيضا، ولا يكون بضاعة، وفي الناس من يقول: يكون بضاعة ولا يكون قراضا فاسدا، وهذا غلط، لأن لفظ القراض يقتضي الاشتراك في الربح، فإذا شرط لأحدهما كان قراضا فاسدا كما لو شرط كله للعامل.
إذا دفع إلى رجل ألفا وقال له: اشتر بها هرويا أو مرويا بالنصف، فإن القراض فاسد عند المخالف لأنه لم يطلقه في البيع، ولأنه لم يبين النصف، وعلى ما قلناه أو لا يصح وإن لم يطلقه في البيع، لكن من حيث لم يبين النصف كان قراضا فاسدا، فإذا ثبت أنه فاسد فالكلام في تصرفه وربحه وأجرته.
أما التصرف فله الشراء لأنه مأذون فيه دون البيع الذي لم يؤذن له فيه، والربح كله لرب المال لأن شرط العامل قد بطل، والأجرة فله أجرة مثله لأنه دخل على أن يسلم له المسمى، فإذا لم يسلم كان له أجرة المثل.
إذا دفع إليه ألفا قراضا على أن ما رزق الله من الربح كان لك منه قدر ما شرطه فلان لعامله، نظرت: فإن كانا يعلمان مبلغ ذلك صح لأن الاعتبار بمعرفة المعلوم من ذلك لا بلفظه، وإن كانا جهلاه أو أحدهما فالقراض فاسد، لأنه لا يصح حتى يكون نصيب كل واحد منهما من الربح معلوما عندهما كالأجرة في الإجارة، والحكم في القراض الفاسد قد مضى.
إذا قال: خذه قراضا على أن ما رزق الله من ربح فلك الثلث وثلثا ما بقي والباقي لي، صح القراض لأنه قد شرط للعامل سبعة اتساع الربح، وتسعين لنفسه، لأن أقل مال له ثلث وثلثا ما بقي من غير كسر تسعة فيكون للعامل ثلثه الثلاث، وثلثا ما بقي أربعة تصير سبعة وبقى سهمان لرب المال.