هذا: غلطت لأني رجعت إلى حسابي فما وجدت ربحا، أو قال: خفت أن ينتزع من يدي فرجوت فيه الربح، لزمه إقراره، ولم ينفعه رجوعه لأنه إذا اعترف بربح ألف فقد اعترف بخمسمائة، فإذا ثبت حق الآدمي بالإقرار لم يسقط برجوعه كسائر الإقرارات.
فإن كانت بحالها فقال: قد خسرت وتلف الربح، كان القول قوله لأنه ما أكذب نفسه، ولا رجع في إقراره، وإنما أخبر بتلف الأمانة في يده، فكان القول قوله، ومثله ما مضى في الوكالة إذا دفع إليه وديعة فطالبه بها فجحده فأقام البينة أنه أودعه كان عليه الضمان، وإن لم يجحد لكنه قال: لا حق لك قبلي، فأقام البينة أنه أودعه فلا ضمان عليه، لأنه ما أكذب البينة في الثانية، وأكذبها في الأولى، لأنه قال: لا حق له قبلي، وقد يكون صادقا لأنها حين الجواب كانت تالفة، فلهذا لم يكن عليه الضمان.
ليس للعامل أن يشتري ولا يبيع إلا بثمن مثله، أو بما يتغابن الناس بمثله، لأنه كالوكيل، فإذا ثبت هذا فإن خالف نظرت: فإن خالف في الشراء بأن اشترى بعين المال بطل، وإن اشترى في الذمة لزمه في نفسه دون رب المال، وإن كان الخلاف في البيع فباع ما يساوي مائة بخمسين وما يتغابن به عشرة، كان التفريط ما بين الخمسين والتسعين وهو أربعون وليس له أن يسلم، فإن سلم المبيع رد إن كان قائما وكان له قيمته إن كان تالفا.
ولرب المال أن يضمن من شاء منهما، يضمن العامل لأنه تعدى بالتسليم، ويضمن المشتري لأنه قبض عند يد ضامنه، فإن ضمن المشتري، ضمنه كمال القيمة لأن الشئ تلف كله في يده، وإن ضمن العامل فكم يضمنه؟ قيل فيه قولان:
أحدهما: ما زاد على ما يتغابن الناس بمثله، وهو أربعون، لأنه هو الذي تعدى فيه.
والثاني: يضمنه الكل، وهو الصحيح لأنه تعدى بتسليم كله وكان عليه