مسألة 13: إذا قال: آجرتك هذه الدار شهرا، ولم يقل من هذا الوقت وأطلق، فإنه لا يجوز.
وكذلك إذا آجره الدار في شهر مستقبل بعد ما دخل، فإنه لا يجوز. وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: إذا أطلق الشهر جاز، ويرجع الإطلاق إلى الشهر الذي يلي العقد ويتعقبه، وإذا آجره شهرا مستقبلا جاز ذلك.
دليلنا: أن عقد الإجارة حكم شرعي، ولا يثبت إلا بدلالة شرعية، وليس على ثبوت ما قاله دليل، فوجب أن لا يكون صحيحا.
مسألة 14: إذا آجره شهرا من وقت العقد، ولم يسلمها إليه حتى مضت أيام، انفسخت الإجارة في مقدار ما مضى، وتصح في الذي بقي.
وقال الشافعي: تنفسخ فيما مضى، وفيما بقي على طريقين.
ومن أصحابه من قال: على قولين.
ومنهم من قال: تصح قولا واحدا مثل ما قلناه.
دليلنا: إن انفساخها فيما مضى مجمع عليه، وفيما بعد يحتاج إلى دلالة، وليس على ذلك دلالة.
مسألة 15: إذا اكترى دابة ليركبها إلى النهروان مثلا، أو يقطع بها مسافة معلومة، فسلمها المكري إليه وأمسكها مدة يمكنه المسير إليها، فلم يفعل، استقرت عليه الأجرة. وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: لا تستقر عليه الأجرة حتى يسيرها في بقاع تلك المسافة.
دليلنا: أنه عقد على بهيمة، ومكنه منها، فإذا لم يستوف المنفعة فقد ضيع حقه، والأجرة لازمة له لأنها وجبت بالعقد، كما لو سيرها في بقاع السفر ولم يركبها، فإنه يلزمه الأجرة بلا خلاف.