الأجرة؟ على ما مضى من الوجهين: أحدهما يستحق، والآخر لا يستحق.
إذا كانت المساقاة صحيحة فهرب العامل لم تبطل مساقاته لأنه عقد لازم، فلا يبطل بالفرار كالإجارة والبيع، وإذا كان العقد بحاله فإن رب المال يحضر عند الحاكم فيثبت العقد عنده، فإذا ثبت طلب الحاكم العامل، فإن وجده كلفه العمل وأجبره عليه، وإن لم يجده نظرت:
فإن وجد له مالا أنفق عليه منه، وإن لم يجد له مالا أنفق عليه من بيت المال، فإن لم يكن في بيت المال مال أو كان فيه مال لكن هناك ما هو أهم منه، استقرض عليه وأنفق، فإن لم يجد من يقرضه قال الحاكم لرب المال: أتتطوع أنت بالإنفاق؟ فإن تطوع فلا كلام، وإن لم يتطوع قال له: فأقرضه دينا عليه تستوفيه منه، فإن فعل فلا كلام، وإن لم يفعل لم تخل الثمرة من أحد أمرين: إما أن تكون ظاهرة أو غير ظاهرة:
فإن لم تكن ظاهرة فهل لرب المال الفسخ أم لا؟ قيل فيه وجهان: أحدهما - وهو الصحيح - أن له الفسخ، لأنه تعذر عليه استيفاء العمل، فكان له الفسخ للضرورة، وقال قوم: لا يفسخ ولكن يطلب الحاكم عاملا يساقيه عن الهارب، وهذا غلط لأن المساقاة إنما تنعقد على أصل يشتركان في فائدته والعامل لا أصل له، وإنما له قسط من الثمرة فلا يصح أن يساقى عليه.
وإن كانت الثمرة ظاهرة، قيل لرب النخل: هذه الثمرة شركة بينكما، فاختر البيع أو الشراء، فإن اختار البيع نظرت: فإن كان بعد أن بدا صلاحها بيعت لهما، يبيع الحاكم نصيب العامل ورب النخل نصيبه، وما بقي من العمل عليها فما هو على العامل يكتري عنه من يعمل عنه، وإن كان قبل أن يبدو صلاحها فلا تباع إلا على شرط القطع، فيباع ويحفظ نصيب العامل له، حتى إذا عاد سلم إليه.
وإن قال رب النخل: لا أبيع ولكني أشتري، نظرت: فإن كان بعد أن بدا صلاحها صح، وإن كان قبل أن يبدو صلاحها لم يجز بشرط القطع، لأنه