ذلك تعديا لا أنه لم يخالفه أفضل حفظه.
إذا دفع إليه شيئا فقال: اتركه في جيبك، فطرحها في كمه، يضمن، ولو قال: اربطها في كمك، فطرحها في جيبه لا يضمن لأن الجيب أحرز من الكم، وأما إذا قال: اتركها في جيبك، فتركها في فمه ضمن لأنه نقلها إلى ما هو دونه، لأنه ربما بلعها، وربما سقط من فمه، وليس كذلك الجيب لأن الجيب لا يقع منه إلا إذا بط.
إذا قال له: اتركها في جيبك، فربطها في طرف ثوبه وأخرجها إلى برا فتلفت لزمه الضمان، لأنه أخرجها إلى ما هو دون الحرز لأن الجيب أحرز من برا.
إذا أودع وديعة في السوق فقال: اتركها في بيتك، فإنه يلزم في الحال أن يحملها إلى البيت لكن لا يعدو، بل يمشي على تؤدة على حسب عادته، فإذا جاء إلى باب الدار يدق ويقف مقدار ما جرت به العادة بأنه يفتح في ذلك القدر، فإن تلفت في تلك الحال لم يضمن، وإن لم يحملها حين الأخذ وكان يتمكن من حملها فتركها زمانا ثم قام وحملها فتلفت في يده، ضمن لأنه تعدى في ذلك القدر الذي حبسها، وكان قادرا على الحمل.
ما يتلف في يد الصبي على ثلاثة أضرب: أحدها ما يدفع إليه باختياره ويسلطه على هلاكه وإتلافه، الثاني ما لم يسلط عليه ولم يختر هلاكه، والثالث إذا دفع إليه باختياره ولم يسلطه على هلاكه وإتلافه.
أما ما دفع إليه باختياره وسلطه على هلاكه، مثل البيع والقرض والهبة إذا وهبه وأقبضه فإن هاهنا لا يضمن لأنه باختياره هلك لأن بيع الصبي وهبته كلا بيع، فإذا باعه من صبي وعلم أن بيعه كلا بيع فقد رضي بهلاكه وإتلافه، كما لو دفع إلى بالغ شيئا فقال: أتلفه، فأتلفه لم يكن عليه الضمان، لأنه باختياره أتلفه كذلك الصبي.
الثاني: إذا جنى هذا الصبي على مال رجل فإن الضمان يتعلق بذمته في ماله، لأن في باب إتلاف الأموال الصبي والبالغ سواء، وإن كانت الجناية على بدن