فأخرجها وحفظها في حرز مثله لم يضمنها لأنه زاده حرزا وبالغ في الحرز.
ولو أودعه خاتما فقال: دعها في إصبعك الخنصر، فوضع في البنصر لم يضمن لأن الخاتم في البنصر أوثق لأن في الخنصر سريع القلق، ولو قال: دعها في إصبعك البنصر، فوضعها في الخنصر، فإنه يضمن لأنه وضعها فيما دون منه من الحرز، وكذلك إن كان يضيق به على البنصر فأمره أن يجعلها في الخنصر فأدخلها بنصره فانكسرت ضمن الأرش، لأنه تحامل عليها وتعدى فيها.
إذا أودعه دراهم فخلطها بدنانير، أو كان أودعه دنانير فخلطها بدراهم معه، أنه لا يضمن لأن الدراهم والدنانير لا تخلط خلطا لا يتميز، وإذا كانت متميزة لم يضمنها، بلى إن تغيرت الدراهم وتوسخت كان عليه أرش ما نقص.
إذا طالب المودع المودع فقال: لم تودعني شيئا، وأنكر فأقام المودع البينة أنه كان أودعه فقال: صدقت البينة كنت أودعتني لكن تلفت مني قبل ذلك، فإنه لم يسمع هذا القول، وعليه الضمان لأن البينة قد أكذبته، وبأن كذبه بالبينة، فإن أتى هذا المودع ببينة تشهدان بأن الوديعة تلفت فهل تسمع هذه البينة وسقط عنه الضمان أم لا؟ على وجهين:
فقال بعضهم: لا يلتفت إلى هذه البينة لأنه قد كذبها، وذلك أن تحت قوله:
ما أودعتني، إنكار أن يكون هناك وديعة تلفت، فإذا شهدت البينة بتلفها فهي تشهد له بشئ قد أنكره وأكذبها، فلم يقبل، وقال قوم: إنه ينظر فإن شهدت بالتلف بعد إنكاره وجحده لم يسمع، وإن شهدت بأنها تلفت قبل الإنكار والجحود قبلت لأن الوديعة إلى حين تلفها كان المودع على أمانته، وطريان الجحود لا يقدح في أمانته، والأول أقوى، والثاني أيضا قريب.
إذا أودع وديعة فقال: اجعلها في كمك، فجعلها في يده، قال قوم: لا يضمن لأن اليد أحرز من الكم، وقال آخرون: إنه يضمن لأنه إذا أمسكها في يده فقد يسهو وتسترخي يده منها، وليس كذلك الكم لأنه قد أمن من أن تسقط بالاسترخاء لأنه يعلم خفته، ويقوى في نفسي أنه من حيث خالف صاحبها فكان