فعلى ما مضى إن كان خطأ أو عمدا على عاقلته، لأن عمد الصبي وخطأه سواء، وفي الناس من قال: إن عمده عمده يجب عليه الدية في ماله، هذا إذا لم يدفع إليه باختياره ولم يسلط عليه.
وأما الضرب الثالث: إذا دفع إليه باختياره ولم يسلطه على الإتلاف، فهو إذا كان قد أودع وديعة عندي صبي وتلفت في يده، فهل يلزمه الضمان؟ قيل فيه وجهان: أحدهما لا يلزمه الضمان وهو الأقوى لأن باختياره سلطه على إتلافها وهلاكها، فأشبه البيع كما لو باع، والثاني أنه يضمن لأنه ما اختار التسليط، وهذه المسألة لها نظائر في البيع والجناية.
صبي أودع وديعة عند رجل يلزمه الضمان لأن دفع الصبي لا حكم له، فلما لم يكن له حكم فقد أخذها ممن ليس له الأخذ منه، فإن أراد ردها إلى الصبي لم يزل الضمان، لأن بالأخذ لزمه الضمان فلا يسقط بهذا الرد، لأن هذا رد على من ليس له أن يردها عليه، إلا أن يردها على ولي الصبي فإنه يزول بهذا الرد الضمان.
فأما إن أودع عبدا فالكلام في العبد قريب من الكلام في الصبي، كذلك إتلاف العبد على ثلاثة أضرب: أحدها ما يكون قد اختار أن يسلطه على هلاكه، والثاني ما اختار أن يسلطه على هلاكه وإتلافه، والثالث إذا اختار الدفع إليه ولم يختر التسليط على الهلاك:
فإن كان اختار التسليط على هلاكه، مثل أن يكون قد باعه من عبد أو أقرضه أو وهبه منه وأقبضه، فتلف في يده، فإن هناك لا يتعلق الضمان برقبته، وإنما يتعلق الضمان بذمته، لأنه مكلف ويتبع به إذا أعتق.
الضرب الثاني: إذا لم يختر التسليط على هلاكه مثل الجناية، عبد جنى جناية يلزمه الضمان ويتعلق برقبته.
الضرب الثالث: إذا اختار الدفع ولم يختر الهلاك والإتلاف، مثل أن أودعه وديعة فالضمان على وجهين، فإن غلبنا الجناية تعلق الضمان برقبته، وإن لم نغلب الجناية فالضمان يتعلق بذمته، وإن شئت قلت: إن قلنا في الصبي يضمن