وجملته أن حال المودع لا يخلو من أربعة أشياء: إما أن ينكرهما معا، أو يعترف لأحدهما بعينه، أو يقر لهما معا بها، أو يقر بها لأحدهما لا بعينه.
فإن أنكرهما معا فقال: هي لي وملكي لا حق لأحدهما فيها، فالقول قوله مع يمينه لأنه مدعى عليه فيحلف لكل واحد منهما يمينا أنه لا حق له فيها، فإذا حلف سقطت دعواهما وخلص ملكها له دونهما.
وإن أقر لأحدهما بعينه فإن إقراره مقبول، لأن يده عليها، والظاهر أنها ملكه، فإذا أقر بها لإنسان قبل إقراره فيها، وهل يحلف للآخر؟ قيل فيه قولان، بناء على القولين.
إذا أقر لزيد بدار ثم رجع فقال: لا بل لعمرو، ففيها قولان: أحدهما يغرم لعمرو قيمتها، والثاني لا يغرم، لكن لا ينتزع من يد زيد قولا واحدا.
وهذا كرجلين تداعيا نكاح امرأة فأقرت لأحدهما هل تحلف للآخر أم لا؟
وهكذا لو أقرت لواحد بالزوجية، ثم رجعت فقالت: لا بل فلان تزوجني، فهل يغرم للثاني مهر مثلها أم لا؟ على قولين.
وكذلك رجل باع شيئا ثم ادعى بأن هذا الشئ الذي باعه لزيد، وصدقه المشتري هل يغرم لهما أم لا؟ على قولين، كذلك هاهنا هل يحلف للثاني أم لا؟
على قولين.
إذا ثبت هذا فمن قال: لا يمين، فلا كلام، ومن قال: عليه اليمين للثاني، أنه لا حق له في هذا، فلا يخلو من ثلاثة أحوال: إما أن يحلف أو يعترف أو ينكل، فإن حلف سقطت دعواه، وإن اعترف لم ينتزع الدار من يد المقر له الأول، وعليه القيمة للمقر له الثاني هاهنا، لأنا فرعنا هذا على القول الذي يقال إنه يوجب عليه اليمين والضمان.
فأما إن لم يقر ولم يحلف ونكل، فرد اليمين على الثاني، ويحلف ليحصل للأول إقرار المدعى عليه، ويحصل للثاني يمينه مع نكول المدعى عليه، وهو يجري مجرى الإقرار فيصير في الحقيقة كأنه قد أقر بها لكل واحد منهما.