والفرق بينهما أن الحريق والغرق لا يخفى، ويمكن إقامة البينة عليها وليس كذلك السرقة فإنه يتعذر إقامة البينة عليها.
إذا ادعى وديعة فقال المودع: ما أودعتني، وأنكر فالقول قول المودع لقوله عليه السلام: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، والأصل أن لا إيداع حتى يظهر.
المسألة بحالها: أودع وديعة وادعى المودع بأنه قد ردها على صاحبها، وأنكر المودع، فالقول قول المودع مع يمينه، لأنه أمينه ولا بدل له على حفظها، ويفارق المرتهن إذا ادعى رد الرهن، لأن المرتهن يمسكه على نفسه طلبا لمنفعة نفسه وهو وثيقة يأخذ الحق من رقبة الرهن، والمودع ممسك على غيره حافظ لغيره من غير فائدة.
إذا أودع وديعة فقال المودع: دفعتها إلى فلان بأمرك، وأنكر المودع ففيه مسألتان: إحديهما: إذا قال: دفعتها إلى فلان بأمرك، فقال المودع: أمرتك بأن تدفع إليه لكن ما دفعتها إليه. والثانية: إذا قال: أمرتني بأن أدفعها إلى فلان فدفعتها إليه، فقال المودع: ما أمرتك بأن تدفعها إليه.
فالمسألة الأولى: إذا ادعى أنه دفعها بأمره وأنكر دفعها فلا يخلو: إما أن يكون الذي أمره به إسقاط حق مثل الدين الذي عليه أو المهر، أو يكون أمانة.
فإن كان عن دين عليه فإن القول قول المودع بلا يمين، سواء صدقه أو كذبه لأنه يقول: أنت دفعت لكن دفعا ما كان يبرئني ويلزم الضمان المودع لأنه كان يلزمه أن يشهد على الدفع فلما لم يشهد فرط فلزمه الضمان.
وإن كان أمانة فقال: أمرتك بأن تدع عند فلان، فهل يلزمه الإشهاد؟ قيل فيه وجهان: أحدهما لا يلزمه لأنه لا فائدة في الإشهاد، لأنه ليس فيه أكثر من أن المودع الثاني يدعي الهلاك فيكون القول قوله، والوجه الثاني يلزمه الإشهاد، وفيه فائدة لأنه ربما أنكره المودع الثاني فيقيم عليه البينة، فإذا ادعى بعد ذلك الهلاك لا يقبل.