مثل ذلك الموضع وما في معناه في الحرز والحفظ فإنه لا يضمن، لأن صاحبها رضي بأن يكون في ذلك الموضع، وما في معناه في الحرز والحفظ.
وهذا كما لو استأجر أرضا ليزرعها طعاما فله أن يزرع فيها ما يكون ضرره مثل ضرر الطعام، أو دون ضرره.
وإن كان الموضع الذي نقل إليه دون ذلك المكان، فإنه يضمن لأن صاحبها ما رضي بأن يكون في دون ذلك الموضع الذي نص عليه.
المسألة الثالثة: إذا أودعها وقال: على أن لا تخرجها من هذا الموضع، فنقلها إلى موضع آخر فلا يخلو: إما أن يكون لعذر أو لغير عذر.
فإن كان لعذر مثل الحريق والنهب فلا ضمان عليه، لأنه موضع الضرورة، فإن لم ينقلها وتركها حتى تلفت هل يضمن أم لا؟ قيل فيه وجهان: أحدهما يضمن لأنه يلزمه حفظها وكان الحفظ في نقلها، وهو الأقوى، والثاني لا يضمن لأنه مأذون فيه في تركها لأنه أخذ عليه أن لا يخرجها وبإذن صاحبها هلكت.
وإن نقلها لغير عذر نظرت: فإن نقلها إلى دون ذلك الموضع فإنه يضمن لأنه فرط، وإن نقلها إلى مثل ذلك الموضع فهل يضمن أم لا؟ على وجهين:
أحدهما لا يضمن لأنه لما لم يكن فيما أطلق كذلك إذا قيده، والآخر أنه يضمن، لأنه خالف ما نص عليه من غير فائدة، وهو الأقوى.
ويفارق إذا أطلق لأنه إذا احتمل أن يكون أراد ذلك الموضع بعينه، ويحتمل مثل ذلك الموضع، وفوض إلى اجتهاده، وليس كذلك إذا قال: لا تخرجها، لأنه قطع اجتهاده.
فرع المسألة التي قبلها: فإن نقلها وادعى أنه أخرجها للحريق أو النهب والغرق فإنه لا يقبل قوله إلا ببينة لأن مثل ذلك لا يخفى، وجملته أن كل موضع يدعي الحريق والنهب والغرق فإنه لا يقبل قوله إلا بالبينة، وكل موضع يدعي السرقة والغصب أو يقول: تلفت في يدي، فإن القول قوله مع يمينه بلا بينة.