الحكم فيه واحد لأن المسافر يعود ويغيب، فكذلك الميت يغيب.
إذا ثبت هذا جميع أحكامه يعتبر بالمسافر مثل ما قلنا فيما قبل، فإن ردها على صاحبها أو على وكيله فلا يضمن، وإن لم يتمكن من صاحبها وكان وكيله فرد على الحاكم أو على ثقة فلا يضمن، وإن ردها على الحاكم مع القدرة على صاحبها أو على وكيله فيضمن، وإن لم يتمكن من الحاكم ولا من صاحبها فردها على ثقة فلا ضمان، وإن ردها على ثقة مع القدرة على الحاكم فهل يضمن أم لا؟
على وجهين.
إذا أودعها في قرية فنقلها إلى قرية أخرى، فلا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون نقلها لعذر أو لغير عذر، فإن كان نقلها لعذر مثل النهب والحريق فلا يضمنها لأن هاهنا موضع الضرورة، وإن نقلها لغير عذر نظرت: فإن كان بين القريتين مسافة ليس بينهما بنيان، فإنه يضمن، وفيهم من قال: لا يضمن إذا كان الطريق أمنا، والأول قول الشافعي والثاني قول أبي حنيفة.
وإن لم يكن بينهما مسافة نظرت: فإن نقلها إلى قرية مثلها أهلية في الكبر وكثرة الناس فيها وكثرة الحصون فإنه لا يضمنها، لأن صاحبها رضي أن يكون في تلك القرية وفي مثل تلك القرية وهذه مثلها، فكأنها حرز له، وإن كانت القرية التي نقلت إليها دون القرية التي كانت فيها ضمنها، لأن صاحبها ما رضي بأن تكون في مثل ذلك، ولا اختار أن تكون تلك القرية حرزا له.
إذا أودع وديعة ففيه ثلاث مسائل:
إحداها: إذا أطلق ولم يقل: احفظها في هذا الموضع، فإن هاهنا يلزمه أن يحفظها في حرز مثلها، مثل أن يكون دراهم أو دنانير فإنه يحفظها على وسطه وفي كمه وفي بيته وفي صندوقه وفي خزانته، فإن هلك وكان في حرز مثله أو دونه بعد أن يكون حرز مثله فلا ضمان عليه.
والمسألة الثانية: إذا قال: أودعتك على أن تحفظها في هذا الموضع، فإنه يلزمه حفظها في ذلك الموضع، فإن نقلها إلى موضع آخر نظرت: فإن نقلها إلى