الكل لأنه خلط ماله بمال غيره بغير إذن مالكه، فهو كما لو كان مقارضا فخلط مال القراض بمال من عنده فإنه يضمن مال القراض كله.
إذا أودع حيوانا ففيه ثلاث مسائل: إحداها أن يأمره بسقيها وعلفها، الثانية إذا أطلق ولم يأمره ولم ينهه، الثالثة قال: لا تسقها ولا تعلفها.
فإن أمره بسقيها فإنه يلزمه سقيها وعلفها، لأن لها حرمتين وحقين: أحدهما حرمة مالكها، ألا ترى أنه لو أتلفها عليه إنسان ضمنها ولها حرمة في نفسها وهي حق لله، ألا ترى أنه ليس لصاحبها أن يعذبها إذا كان هكذا لزمه أن يسقيها ويعلفها.
فإن سقاها فلا يخلو: إما أن يسقيها في بيته أو في غير بيته، فإن كان قد سقاها في بيته نظرت: فإن سقاها بنفسه فقد زاد خيرا وبالغ في حفظها، وإن أمر غيره من غلمانه فسقاها الغير جاز، ولا ضمان عليه، لأن العادة جرت بأن الإنسان لا يسقي الدابة بنفسه.
وإن أخرجها من داره وسقاها في غير داره، فلا يخلو: إما أن يكون إخراجها لعذر أو لغير عذر، فإن كان لعذر مثل أن يكون داره حجرة، لم يكن فيها بئر ولا نهر فأخرجها إلى خارج إلى نهر أو حيث يسقي دواب نفسه للضرورة، والعادة جرت بأنه يسقي خارجا لم يضمنها، وإن كان في داره بئر أو نهر يجري ويسقي دواب نفسه منه فأخرجها وحملها لسقيها برا ضمن، وفيهم من قال: إذا كان الطريق أمنا لم يضمن وكأنه أخرجها من حرز إلى حرز، والأول أقوى، لأنه أخرجها من غير حاجة ويرجع على صاحبها بما أنفق عليها لأنه أذن له في النفقة عليها.
المسألة الثانية: إذا أطلق ولم يقل شيئا فإنه يلزمه الإنفاق، وقال قوم: لا يلزمه أن ينفق عليها، ولا يسقيها ولا يعلفها، لأنه مستحفظ في حفظها فأذن له في حفظها، فأما سقيها وعلفها فلا، والأول أقوى لأن لها حرمة، ويراعى فيها حرمته أيضا ولأن