لم يكن هكذا لكن خرق الكيس وشقه نظرت: فإن كان ذلك من فوق الشد والختم لم يضمن المال لكن عليه أرش ما نقص من الكيس بالتخريق، وإن كان الشق بالبط من تحت الكيس أو تحت الشد فإنه يضمن جميع المال سواء أخذه أو لم يأخذ منه لأنه هتك حرز المال.
قد ذكرنا أنه إذا تعدى في الوديعة في الكيس بكسر الختم وحل الشد فإنه يضمن، فأما إذا أودع شيئا ليس بمحرز مثل الدراهم والدنانير، في قفة أو ركوة ونحو ذلك فأخذ منها درهما أو دينارا ضمن ذلك الدرهم والدينار لأنه تعدى عليه بأخذه وعليه ضمانه، ولا يضمن الباقي لأنه ما تعدى فيه ولا يتعلق به ضمانه.
فإن رده فلا يخلو: إما يرد ما أخذه بعينه أو يرد بدله، فإن رد ما أخذه بعينه فلا يخلو: إما أن يكون متميزا من الباقي أو غير متميز.
فإن كان متميزا فلا خلاف أنه لا يضمن البقية لأن الذي أخذه معروف العين، والباقي لم يحدث فيه فعلا تعدى به، بل عليه ضمان الذي رده، وقال قوم:
زال ضمانه عنه.
وإن كان لا يتميز مثل أن يكون دراهم صحاحا فخلطه بصحاح أو مكسرا خلطه بمكسر، فذهب قوم إلى أنه لا يضمن إلا قدر ما أخذه، والباقي أمانة كما كان، وقال قوم: إنه إذا لم يتميز ضمن الكل لأنه خلط المضمون بغير المضمون، والأول أصح، لأنه وإن خلط مضمونا بغير المضمون، فإنه خلطه باذنه، وهو مأذون فيه، لأن رب المال رضي بأن يكون ذلك مع الباقي، فإذا رده فلم يفعل شيئا إلا برضا رب الوديعة.
وأما الكيسان إذا خلطهما فإنه يكون مضمونا عليه، لأنه خلطهما بغير رضا صاحبه، فكان متعديا بالخلط، فضمنهما بكمالهما، هذا إذا كان قد رد ما أخذ بعينه.
فأما إن رد بدل ما أخذه فلا يخلو: إما أن يتميز أو لا يتميز، فإن كان يتميز فإنه يضمن ذلك الذي أخذه، ولا يضمن الباقي، وإن كان غير متميز فإنه يضمن