دليلنا: أن الاحتياط يقتضي ذلك لأنه متى أنفق عليها كانت نفقته غير ضائعة لأنه يرجع بها على صاحبها، وإن لم ينفق وهلكت الدابة ضمن على خلاف فيه، فالأخذ بالأحوط أولى، ولأن للحيوان حرمة في نفسه فلا يجوز أن يضيع حرمتها وحق الله تعالى في ذلك، ولأنه إذا أطلق فالعادة جارية بأن الدابة تسقى وتعلف، فوجب حمل ذلك على العرف وإن لم يلفظ به.
مسألة 10: إذا أودعه وديعة، وقال: ادفعها إلى فلان أمانة، فادعى المودع أنه دفعها إليه وأنكر المودع أن يكون دفعها فالقول قول المودع، وبه قال أبو حنيفة، وللشافعي فيه وجهان: أحدهما إذا قال يلزمه الإشهاد على الدفع ولم يشهد فإنه يكون مفرطا ويضمن، والآخر أنه لا يلزمه الإشهاد فعلى هذا يكون القول قول المودع.
دليلنا: أن المودع مؤتمن فوجب أن يكون القول قوله كما لو ادعى أنه ردها على المودع.
مسألة 11: إذا أودعه صندوقا فيه متاع وقال له: لا ترقد عليه ولا تقفله، فنام عليه وأقفله بقفل آخر يضمن، وبه قال الشافعي وأكثر أصحابه، ومنهم من قال:
يضمن لأنه نبه اللصوص بأن فيه مالا، وبه قال مالك.
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وإلزامهم الضمان يحتاج إلى دليل، ولأنه أضاف إليه حرزا آخر وبالغ فيه كما لو أودعه وقال: اتركه في صحن دارك، فتركه في بيته وأقفل عليه لم يضمن لأنه زاده حرزا، وما قالوه من التنبيه عليه لو كان على ما قالوه لم يجب به الضمان لأنه لو صرح وقال: إن فيه مالا، لم يضمن فبأن لا يضمن بالتنبيه عليه أولى.
مسألة 12: إذا خلط الوديعة بمال خلطا لا يتميز مثل أن يخلط دراهم بدراهم